للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العقيدة أعز ما لدى الأمة]

الحمد لله، من توكل عليه كفاه، ومن لاذ بحماه حفظه ووقاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن سار على نهجه واهتدى بهداه.

أما بعد:

عباد الله: اتقوا الله واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

عباد الله: إن أشد ما ابتليت به هذه الأمة -لا سيما في أعقاب الزمن- دخول النقص عليها في أعز ما لديها؛ في عقيدتها وثوابتها، ومن ذلك ما يعتقده بعض العامة في شهر صفر وغيره من التشاؤم والتطير مما هو مخالف للإسلام، وقد أخرج الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل يا رسول الله؟ قال: الكلمة الطيبة} ولـ أبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر مرفوعاً، قال: ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: {أحسنها الفأل ولا تردُّ مسلماً، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنة إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك} وعن ابن مسعود مرفوعاً: {الطيرة شرك، وما منَّا إلا قد وقع في قلبه شيء من ذلك، ولكن الله يذهبه بالتوكل} رواه أبو داود والترمذي وصححه، وروى الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: {من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: أن يقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك}.

عباد الله فاتقوا الله واعرفوا منة الله عليكم بهذا الدين، وحققوه قولاً وعملاً واعتقاداً.

ثم صلوا وسلموا -رحمكم الله- على من حمى جناب التوحيد، وسد ذرائع الشرك وطرقه، النبي المصطفى والرسول المجتبى، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال جل من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: {من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً}.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأدم الأمن والاستقرار في ربوعنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم انصر به دينك وأعل به كلمتك، وارفع به كلمة الحق والعدل يا حي يا قيوم! اللهم ارزقه البطانة الصالحة، التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم اجعلهم ناصرين لأوليائك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفِّق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلهم رحمة لرعاياهم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك والمضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان وهيئ لهم من أمرهم رشداً، وألف بين قلوبهم، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم ادفع عنا الغلا والوبا، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن يا ذا الجلال والإكرام! رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا ارحم الراحمين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.