للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم من أراد إقفال المكبرات حال الصلاة]

السؤال

ما رأي الإسلام بالذين ينادون وينعقون هذه الأيام بإقفال مكبرات الصوت في المساجد بعد أداء الأذان للصلاة، ويدعون إلى عدم إذاعة إقامة الصلاة، والخطب والمحاضرات بعد الصلاة، هل يعد هذا من مرض القلوب؟

الجواب

أولاً: قول الأخ: ما رأي الإسلام!! لو أُصلحت إلى ما حكم الشرع؟ أو حكم الإسلام؟ ثم فيه تعديل آخر: فحكم الإسلام ليس عندي، أو عند أحدٍ من الناس، وإنما العالم وطالب العلم يجتهد في المسائل فيصل باجتهاده إلى حكمٍ، ولا نستطيع أن نقول: هذا الحكم هو الذي وافق حكم الله عز وجل، فالتنبيهان ينبغي أن يعلما.

أولاً: ما رأي.

الدين ليس بآراء.

ثم: حكم الإسلام؟

ما يقال للأشخاص: ما حكم الإسلام؟ إلا إذا قيل من خلال ما ترون، من خلال وجهة نظركم، أو من خلال ما يدلكم اجتهادكم أو نحو هذا.

قضية مكبرات الصوت، والكلام حولها، قضية أظنها فرعية تماماً إلا إذا كان وراءها أبعاد، ولهذا لا نستطيع أن نحكم على قلب صاحبها إلا بأن نعرف مراده، وأن نعرف قصده، وإلا فيوجد من أهل الخير من يرى هذا الرأي، يوجد حتى من طلبة العلم ومن العلماء من يرى عدم إقامة الصلاة بمكبرات الصوت؛ لأنهم يرون أن لهذا شيئاً من المحاذير:

منها: أن الصلاة في مكبرات الصوت، قد تبعث الكسل أحياناً أو كثيراً، فيضطر الناس إلى أن يتأخروا حتى تقام الصلاة، فلو لم يعلم الناس متى يقيم المؤذن لهرعوا إلى الصلاة عند سماع الأذان، لكن الآن يقولون: دعه، نسمعه إذا قام، نسمعه إذا صلى، وقد تفوت الركعة الأولى، نلحق الركعة الثانية، فهم يرون: أن هذا قد يكون سبباً في التقاعس، أقصد العلماء الذين يرون هذا الرأي، أما الذين في قلوبهم مرض أو أعداء لكلمة الحق أن تخرج من المسجد فهؤلاء لا حديث لنا معهم، لأن عداوة هؤلاء وغيرهم ظاهرة وقديمة وليست وليدة اليوم.

أيضاً: يقولون: قد يوجد في البيوت مرضى، والمريض أحياناً قد يشق عليه، لا سيما إذا كان قريباً تماماً ومرضه شديد فإنه قد يتأثر.

على كل حال هذه وجهة نظر: لكني أرى أنه إن لم نعلن الأذان والإقامة والتلاوة فماذا نعلن؟ إن لم يسمع الناس هذا الخير في أوقات سماعهم الكلمات الصاخبة تنطلق من البيوت والشوارع والمقاهي، وعلى الأزقة والأرصفة والطرقات.

أيضاً: نريد أن نُحاصر في مساجدنا وبيوتنا؟! هذا ليس بصحيح.

فالذي أراه أنه ينبغي أن يُعلن الأذان والإقامة والدروس ولكن بشيءٍ من الضوابط حتى لا يكون تشويش على الناس، ولا يكون -أيضاً- تشويش بين المساجد، وقد يكون مسجد قريب الآن يصلي ونحن نشوش عليه بكلامنا هذا، فالضوابط الشرعية يمكن أن تتولاها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية مع المختصين والعلماء فيه، وهذا المجال يوضع بعض الضوابط حتى يقضى على بعض الظواهر.

فالذين تحمسوا لفكرة إلغائها لمسوا فيها شيئاً من الأمور، وقد يكون بعضهم حصل له فعلاً شيء منها، لأنه بعض أئمة المساجد يشتكي، هو يصلي، والمسجد الذي بجانبه مسافة خمسين متر أو مائة متر يصلي في مكبر صوت، يمكن أن يصل إلى آخر مدينة جدة، ونحن في مسجد نصلي في مكبرات الصوت فتتضارب الأصوات، وقد يركع جماعة مسجدي مع إمام المسجد الثاني، لأنه يقول: الله أكبر.

فهذه بعض الأخطاء والملحوظات يمكن أن تعالج، ويكون في ضوابط شرعية تتولاها الجهات المسئولة وأهل العلم، لكن ككلامٍ عام: ينبغي أن ينشر الخير، وأن يعمم، وأن يدعم وأن تكثر وسائله، أما حتى الصلاة، فالناس تريد تسمع القرآن ولا يحرم الناس بحكم واحد أو برأي واحد.

والله أعلم.

على كل حال: نحن ننتظر قول العلماء في هذه المسألة وإلا تظل من وجهات النظر.

لكن سؤال الأخ عن قضية مرض القلب، مرض القلب هذا لا نستطيع أن نحكم عليه إلا إذا عُرف أن صاحب هذه الفكرة مغرض، ويريد تقليل الخير وكتمان أنفاسه، وهذا لا شك أن قلبه مريض.