للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الأخلاق في الأمم]

الحمد لله الهادي لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا هو، ولا يصرف سيئها إلا هو، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، المبعوث بالخلق القويم، والداعي إلى الصراط المستقيم.

اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، الذين تخلقوا بأخلاق القرآن، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، ونفذوا أوامره، واجتنبوا زواجره، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله تبارك وتعالى واشكروا نعمة الله عليكم بهذا الدين.

عباد الله: لقد جاء دين الإسلام منهج هداية للبشرية؛ لتصحيح عقائدها، وتهذيب نفوسها، وتقويم أخلاقها، وإصلاح مجتمعاتها، وتنظيم علاقاتها، ونشر الخير والفضيلة بين أفرادها، ومحاربة الشر والرذيلة، وإقصائها عن بيئاتها، وسد منافذ الفساد أن يتسلل إلى صفوفها؛ لذا فقد كانت مكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، ومعالي القيم، وفضائل الشيم، وكريم الصفات والسجايا؛ من أسمى ما دعا إليه الإسلام، وقد تميز بنظام أخلاقي فريد، لم ولن يصل إليه نظام بشري أبداً.

وقد سبق الإسلام بذلك نظم البشر كلها؛ ذلك لأن الروح الأخلاقية في هذا الدين منبثقة من جوهر العقيدة الصافية؛ لرفع الإنسان الذي كرمه الله، وكلفه بحمل الرسالة، وتحقيق العبادة من درك الشر والانحراف، وبؤر الرذائل والفساد إلى قمم الخير والصلاح، وأوج الاستقامة والفلاح؛ ليسود المجتمعَ السلامُ والمحبةُ والوئام، رائده نشر الخير والمعروف، ودرء الشر والمنكر والفساد.

أمة الإسلام: الأخلاق في كل أمة عنوان مجدها، ورمز سعادتها، وتاج كرامتها، وشعار عزها وسيادتها، وسر نصرها وقوتها.

فصلاح الأفراد والأمم؛ مرده إلى الإيمان والأخلاق، وضعف الخلق؛ أمارةٌ على ضعف الإيمان، وإذا أصيبت الأمة في أخلاقها فقل: عليها السلام، فقد آذنت بتصدع أركانها، وزعزعة أمورها، وخراب شئونها، وفساد أبنائها، وإذا حصل ذلك فبطن الأرض خير من ظهرها.