للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عاقبة ترك حكم الله]

ومما يؤسف له أشد الأسف أن كثيراً من المجتمعات اليوم قد عطلت حدود الله، وقصرت في تنفيذ حكم الله على المجرمين المعتدين، رغم الضرورة الملحة لتنفيذها، ورغم ثبوت الجرائم واستشرائها.

وتطالعنا الإحصاءات عن الجرائم في المجتمعات التي لا تنفذ حكم الله في المجرمين بما معدله: وقوع جريمة قتل، أو زنا، أو خطف، أو سرقة أو غيرها في كل دقيقة، حتى غلب على أهلها الخوف والذعر، وسادهم القلق والفوضى والاضطراب والحَيرة، وبحثوا عن طريق يخلصهم مما يقعون فيه، ولم يجدوا أبداً إلا تحكيم شريعة الله، وتنفيذ حدود الله، والبعد عن حكم الطاغوت والجاهلية قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠].

وحينما تثار هذه القضية، ويُبحث هذا الموضوع، أعني: تنفيذ حدود الله، فإنه يُسجل لهذه البلاد المباركة، بلاد الحرمين، بكل فخر واعتزاز، وكل تقدير وإجلال وإكبار، ما تقوم به من حزم في إقامة حكم الله، وتنفيذ حدود الله على المجرمين المعتدين، حتى أصبحت -ولله الحمد والمنة- مثالاً يُحتذى به في استتباب الأمن وندرة الجرائم، في زمان بلغت فيه الجرائم ذروتها، والاعتداءات أوجَّ عظمتها وكثرتها.

نسأل الله أن يثبت قادتها على الإسلام.

وقد حاول أعداء الإسلام والمفتونون بهم من المنتسبين إلى الإسلام بتعييب الإسلام بهذه الحدود، وعدوها -حمقاً وجهلاً منهم- وحشية وهمجية، ولا ريب أنهم هم المعيبون؛ لدفاعهم عن المجرمين وإهمالهم أمراً مبنياً عليه, ستتحول المجتمعات الآمنة -بقصدهم- إلى مجتمعات ذئاب مسعورة، يعدو بعضها على بعض بلا حدود ولا رادع، والواقع أكبر شاهد على ذلك إن سلباً أو إيجاباً.

وإننا لنرجو الله عز وجل أن يهيئ للأمة رجالاً مخلصين، لا يخافون في الله لومة لائم، مع ارتفاع الأصوات الغيورة المنادية بتنفيذ حكم الله أمام زحف الجرائم، وسيل الفساد من: القتل، والزنا، والخطف، والسرقة، والرشوة، والتزوير، والخمور، والمخدرات، وغيرها، ولا يخلص من ذلك كله، إلا تطبيق شرع الله، صوناً للدماء والأعراض والأموال، وصلاحاً للمجتمع، ورحمة بالخلق، وقطعاً لدابر المفسدين في الأرض.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة:٣٣].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ورزقنا السير على سنة سيد المرسلين، وثبتنا على الصراط المستقيم، وأجارنا بمنه وكرمه من العذاب الأليم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.