للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف أعداء الدين من العقيدة الإسلامية]

ولكن ما الذي حدث بعد ذلك؟ وماذا كان موقف الشيطان وحزبه؟ أعداء الإسلام على اختلاف مللهم، وتمايل مذاهبهم، لقد وقفوا من هذا الدين وهذه العقيدة، ولا زالوا يقفون موقف العدو اللدود، واستخدموا كل ما يملكون ويستطيعون من الوسائل للقضاء على هذه العقيدة، أو فج الناس عنها، أو تشويهها بالنقص منها أو الإحداث فيها، والدس عليها وإلقاء الشبه ضدها، ومع هذا كله فقد انكشف وارتدت سهامهم على نحورهم، وشاهت وجوههم، وماتوا بغيظهم، وبقي هذا الدين -وسيبقى بإذن الله- وبقيت العقيدة الصحيحة، وستبقى بعون الله غضة طرية كما ارتضاها الله، وجاء بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

إخوة الإسلام! وأكبر نعمة أنعمها الله على هذه البلاد المباركة وأهلها، وينبغي أن يحدثوا بها ويشكروها حق شكرها ولا يعرضوها للزوال ما منَّ الله عليهم بتطبيق هذا الدين الحنيف، واتباع العقيدة الصحيحة ولزوم منهج السلف الصالح رحمهم الله، حتى أصبحت هذه البلاد ولله الحمد والمنة مضرب المثل في صفاء العقيدة، وتوفر الأمن والاستقرار، وامتدت آثار هذه النعمة إلى بقاع كثيرة من العالم، كل ذلك بفضل الله، ثم بفضل أئمة الحكم الأماجد وأئمة الدعوة الأفاضل جزاهم الله عن هذه البلاد وأهلها خير الجزاء وأجزله.

لقد عاشت هذه البلاد المباركة، أحقاباً من الزمن آمنة مطمئنة، يحكم فيها بكتاب الله وسنة رسوله، تقام فيها الحدود الشرعية، يؤمر فيها بالمعروف وينهى عن المنكر، سليمة في دينها، صافية في عقيدتها، عريقة في أصالتها، نزيهة في معاملاتها، ولا تزال بحمد الله على ذلك، ونسأل الله لها الثبات على الحق، والمزيد من الفضل، ولكن هذه النعم أثارت كوامن الحاسدين، وشماتة الشامتين، وأقضت مضاجعهم، فلم يكفوا عن حقدهم وزيغهم وضلالهم فحملوا على عقيدة هذه البلاد وأحكامها، وتشريعاتها، وحاولوا تشويهها، والدس فيها وإلقاء الشبه عليها ولكن:

لا يضر البحر أمسى زاخراً إن رمى فيه غلامٌ بحجر

فلا مجال في هذه البلاد لمغيرٍ ومبدلٍ ومحدث، فهي -ولله الحمد- أمة واحدة، دستورها كتاب الله وسنة نبيه، وعقيدتها عقيدة سلف هذه الأمة، لا ترضى بها بديلاً، وقدوتها محمد بن عبد الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصحابته الكرام، وأتباعهم من القرون المفضلة، فعلى هذا الطريق المستقيم، والحق القويم، سارت وستظل سائرة -إن شاء الله- مهما حاول الأوباش الوقوف في طريقها، والتعرض لأهلها، ويبقى هذا الدين وأهله طوداً شامخاً وحصناً منيعاً لا تصل إليه سهام الأعداء، بل تعود هذه السهام إلى صدور أصحابها خاسئة ذليلة، وتلك سنة الله عز وجل: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الأحزاب:٦٢].

فاتقوا الله يا أمة الإسلام! حافظوا على دينكم، وتمسكوا بعقيدتكم، والزموا نهج أسلافكم.

فكل خيرٍ في اتباع من سلف وكل شرٍ في ابتداع من خلف

{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:٤٠] * {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:٤١].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ورزقني الله وإياكم السير على هدي سيد المرسلين، وجنبني وإياكم طرق الضالين، وتاب علي وعليكم إنه هو التواب الرحيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، إنه هو الغفور الرحيم.