للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال الناس قبل البعثة وبعدها]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، ومصطفاه من خلقه، ومجتباه من رسله، صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، الذين كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً.

فالموفق من عرف لهم فضلهم، واتبعهم في آثارهم، وتمسك بأخلاقهم وآدابهم فرضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون في بلد الله الحرام! إخوة العقيدة والإيمان في كل مكان: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ فإن تقواه جل وعلا أفضل عدة وأربح بضاعة، وخير زادٍ في المعاش والمعاد.

أمة الإسلام: ما أكرم الله أمة من الأمم، بمثل ما أكرم به هذه الأمة، أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وقد منَّ عليها بأعظم منة، وأنعم بأكبر نعمة، ألا وهي نعمة الإسلام وبعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، خير الأنام، وقد كان الناس قبله في جاهلية وضلال، عقائدهم شركٌ ووثنية، أفكارهم زيفٌ وجهلٌ وسطحية، أخلاقهم ظلمٌ وبغيٌ وجور وتسلطٌ وانتقام، حياتهم قلقٌ وخوفٌ واضطراب، وفوضى وإرهاب، الدماء تسفك لأتفه الأسباب، الأعراض منتهكة، الفرقة سائدة، الأخلاق متردية إلى أن أذن الله جل في علاه بانبثاق فجر الإسلام وبزوغ شمسه، ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، بهذا الدين القويم، فأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، بصر به بعد العمى، وهدى به بعد الضلالة، وأرشد به بعد الغواية، وعلم به بعد الجهالة، وجمع به بعد الشتات والفرقة، بعثه بالهدى ودين الحق، دين السعادة والسيادة والرفعة والنصر والقوة، لا خير إلا دل عليه وأمر به، ولا شر إلا حذر منه ونهى عنه، تكفل الله لمن تمسك به وسار على نهجه؛ ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.