للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تربية الأبناء والدعاء لهم اقتداءً برسل الله

الحمد لله الكبير المتعال، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو الفضل والنوال، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل.

أما بعد:

عباد الله! اتقوا الله في أنفسكم وفي أسركم، وفي أولادكم، وتفقدوا -رحمكم الله- أولادكم عند ترك الأوامر وفعل الزواجر، واعملوا -رحمكم الله- على حماية أسركم من آفات فسادها، وتهدم أركانها، وتداعي بنيانها، وأقيموا سداً منيعاً وحاجزاً كبيراً بينكم وبينها، وإن الآفات التي تهدد الأسرة منها ما يكون داخل أروقتها، ومنها ما يكون من تأثير خارج عنها، فكونوا على حذرٍ وفطنة.

أيها المسلمون! التزموا في جميع أموركم الأسرية نهج الإسلام الحق، وطريق السنة المطهرة والسيرة العطرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وليقدم كل واحد في المجتمع -لا سيما المعنيون بشئون التربية، والقائمون على وسائل التوجيه في المجتمع، وكذلك أهل العلم والدعوة والإصلاح على الجميع أن يقوموا- بالتركيز على جوانب صلاح الأسر، فإنها المجتمع المصغر، وإذا صلحت صلحت المجتمعات كلها بإذن الله، ويومها لا نشكو من تمرد الأبناء، وكثرة الخلافات الأسرية، والمشكلات العائلية في المجتمعات.

هذا وإن عليكم -رحمكم الله- أن تحرصوا على الدعاء لأولادكم بصلاحهم كما كان أنبياء الله ورسله، فهذا إبراهيم عليه السلام يقول: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات:١٠٠]، {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم:٣٥]، {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم:٤٠]، {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة:١٢٨]، ويقول زكريا عليه السلام: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران:٣٨]، ويقول سبحانه: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} [الأحقاف:١٥] ويقول في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:٧٤]، فأكثروا من الدعاء لهم، واعلموا أن صلاحهم ينفعكم بعد موتكم {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [الرعد:٢٣]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:٢١]، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند مسلم وغيره: {إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث -وذكر منها- ولد صالح يدعو له} فخذوا -رحمكم الله- بأسباب صلاح ذرياتكم قولاً وعملاً ودعاءً وقدوة تصلح أنفسكم وأسركم ومجتمعاتكم بإذن الله.

ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على النبي المصطفى، والحبيب المجتبى، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا إلى ما تحبه وترضاه، اللهم وأعنه على أمور دينه ودنياه.