للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صور من التقصير في الصلاة]

إخوة الإسلام: إن الصلاة مبنيةٌ على الطهارة الشرعية، فلا صلاة إلا بها، وقد ذكرها الله سبحانه، في آيتي النساء والمائدة، وبينها قولاً وفعلاً رسولنا صلى الله عليه وسلم، وعليه فيعلم أن ما يفعله بعض الناس، من العوام الجهلة، من التساهل في الوضوء والغسل، أو التيمم مع وجود الماء، وإمكان البحث عنه، منافٍ للشرع، وصاحبه معرض نفسه للإثم والرد.

ولما استحكم ضعف الإيمان في نفوس كثيرٍ من الناس، وملأ حب الدنيا والتنافس فيها قلوبهم، وتباعدوا عن آثار النبوة، وقلت رغبتهم في الدار الآخرة، أصبحوا يؤدون هذه الصلاة على غير وجهها الشرعي، حتى ابتلي كثيرٌ منهم، بهدم بعض أركانها كالطمأنينة مثلاً، وأصبح يحاكي الريح في سرعته والغراب في نقره.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته بعدم الطمأنينة بإعادة الصلاة وقال له: {ارجع فصلَّ فإنك لم تصل ثلاثاً} فهل يحب مسلم أن يتعب نفسه ويجهد بدنه، ويرجع بالخسارة والإثم.

وهناك أمرٌ من الصلاة، وروحها ولبها، وقد عزّ على كثيرٍ من المصلين، لطول الأمد وقسوة القلوب، واستحكام الدنيا في النفوس، وأصبح كثيرٌ من المصلين، لا ترى آثار الصلاة عليه، وربما يتساءل، ألم يقل الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:٤٥]، ونحن نصلي ولكن لا يتورع كثيرٌ من المصلين على ارتكاب المحرمات، ومواقعة الفواحش، والتساهل في الواجبات، ولا ريب أن ذلك من عدم أداء الصلاة، كما شرع الله، وسمى رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أداء الصلاة جسداً بلا روح، أو على أنها عادةٌ يفعلها الناس، ولو صلى المصلون الصلاة الشرعية، وأقاموها على وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستحضروا الخشوع والرهبة، لنفعت وأثرت وعملت عملها في قلوب الناس، ومجتمعاتهم، وصارت أكبر عونٍ على أمور الدنيا والدين، والله عز وجل يقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:٤٥].

ولتسببت في انحسار كثيرٍ من المنكرات والمحرمات، والله عز وجل قد رتب الفلاح للمؤمنين، وجعل أول صفاتهم الخشوع في الصلاة، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:١ - ٢].

وحدِّث اليوم ولا حرج عن خشوع المصلين الذين جعلوا الصلاة محلاً للهواجس والخواطر، ومرتعاً للأفكار والوساوس، ولا مخلص من ذلك، إلا شدة الإقبال على الله، وصدق اللجوء إليه، وإحضار القلب، والتخلص من مشاغل الدنيا، والاستعانة بالله، والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، من همزه ونخفه ونفثه.