للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعظيم الشعائر من تقوى الله]

الحمد لله الذي جعل بيته الحرام مثابةً للناس وأمنا، وأشهد أن لا إله إلا الله أغنى وأقنى، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، بَلَغَ من المراتب أشرفها وأسنى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين مدحهم ربهم وأثنى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وعظِّموا المشاعر والشعائر {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:٣٢] {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج:٣٠] واشكروه جل وعلا على ما حباكم من نعمة الأمن والطمأنينة، لا سيما في هذه البقاع الشريفة، والحرمات الآمنة المُنيفة، واعلموا أنكم كما تعيشون في الأمكنة المباركة، فإنكم تعيشون في الأزمنة المباركة، وهي أشهر الحج، والأشهر الحُرم التي قال الله فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:٣٦]، فيجب عدم ظلم النفس بالوقوع في المعاصي في هذه الأزمنة والأمكنة المباركة.

ألا وإن من شُكر نعمة الله التحدث بما حبا الله هذه البلاد المباركة، حيث هيأ لهذين الحرمين الشريفين من الرجال الأفذاذ من يقومون برعايتهما وصيانتهما، من ولاة الأمر -وفقهم الله- الذين بذلوا ويبذلون قصار جهدهم في صيانة الحرمين الشريفين إعماراً وتطهيراً وتوسعة وصيانة، وصدقاً وإنصافاً للحق والتاريخ، إنه لم يشهد الحرمان الشريفان عناية ورعاية، وخدمةً للحجيج، كما حصل أو يحصل في هذه البلاد المباركة، نقولها حقاً لا نريد بها نفاقاً ولا مجاملة، وليمت الحاسدون بحسدهم، لا سيما والمسلمون يعيشون هذه الأيام فرحة كبرى بوضع اللبنة الأخيرة لمشروع توسعة المسجد النبوي الشريف، وهي أعظم توسعة عرفها التاريخ، فباسم المسلمين جميعاً، وباسم الحجاج والعمار والزوار، نرفع أكف الضراعة لمن كان خلف هذا العمل الإسلامي الجليل، أن يجزيهم الله خير الجزاء وأوفره، وأن يجعل ذلك في موازين أعمالهم، وأن يزيدهم من الهدى والتوفيق بمنه وكرمه.

ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على الرسول المجتبى، والحبيب المصطفى، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وأرض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وسلِّم الحجاج والمعتمرين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح واحفظ أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وهيئ له البطانة الصالحة التي تدله على الخير.