للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة الإخلاص]

إخلاصٌ لله بأن الله هو الخالق الرازق الرب المحيي المميت المعبود، فلا معبود بحقٍ سواه، الذي يجب أن تصرف له العبادة: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣].

هذا هو الإخلاص، أن تكون الحياة وأن يكون الممات وأن تكون الصلاة وأن يكون النسك والعبادة كلها خالصة لوجه الله، لا تصرف لأحد، ولا لبشر، ولا لحجر، ولا لبقر، ولا لطاغوت، ولا لوثن، ولا لأحد من الناس كائناً من كان، هذه هي العبادة لله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥]، وهذا الأمر هو حقيقة دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، فالرسل عليهم صلوات الله وسلامه إنما بُعثوا لدعوة الناس إلى الإخلاص في عبادة الله وحده لا شريك له، وترك ما يعبده الآباء والأجداد والأهل ترك ما يعبده كل الناس من عبادةٍ ما سوى الله {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} [النساء:٣٦]، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:٢٣]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:٢٥].

وكل نبيٍ يُبعث إلى قومه يقول: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، فلا دعوة إلى أشخاص، أو إلى زعامات، أو جماعات، أو أحزاب، أو مناصب، أو للدنيا وكل أمرٍ وجانبٍ منها، بل دعوة لله وإلى الله؛ يقول تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨].

هذه هي القضية التي ينبغي أن يرتبط بها الناس والأجيال، ويرتبط بها الدعاة قضية العقيدة والإيمان والتوحيد لله، وإخلاص العمل لوجه الله تبارك وتعالى، هذا هو الأمر الذي ينبغي أن نهتم به.

أيها الشباب أيها الدعاة أيها الإخوة الأحباب! أينما كنتم وحيث ما حللتم، نحن أمة نرتبط بمنهج وبتوحيد، ونرتبط بعقيدة صحيحة، وبإيمانٍ بالله الواحد القهار، فيجب أن نعلمه ونعمل به، وأن ندعوا إليه، وأن نصبر لما يصيبنا من الأذى فيه، وأن تكون حياتنا ومماتنا كلها في هذا السبيل، هذه هي حقيقة الإخلاص.

أيها الإخوة الذين نحسبكم مخلصون ولا نزكي على الله أحداً! وما هذا الموضوع إلا للتذكير بهذه القضية، في وقتٍ زاحمت فيه كثيرٌ من الاهتمامات الجانب الرئيس في الإخلاص، وأصبح ولاء الناس -بل كثيرٌ من الناس- لغير الإخلاص عياذاً بالله، فينبغي أن يراجع الإنسان نفسه، وأن يحاسبها، وأن يقومها على منهج السلف الصالح رحمهم الله ورضي عنهم.