للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاقة الاعتقاد بالإخلاص]

أيها الإخوة! إن قضية الاعتقاد والإخلاص، ينبغي أن نتنبه لها لا سيما في هذا الزمن، لأننا نشهد ما يزاحمها من الأعمال، ونشهد أن الناس في تفريط، الذين يذهبون إلى غير الله، أو يتوجهون إلى غير الله، في طلب نفع، أو دفع ضر، أو شفاء مرضى، أو طلب حاجات، أو رد غائب، أو سؤال للنجاح، أو التوفيق من غير الله، أو الذين يعملون لغير الله، أو يذهبون إلى القبور ومن يسمونهم بالأولياء، أو الأضرحة، أو السحرة، أو المشعوذين، أو الدجالين ماذا تطلبون منهم؟ أين الإخلاص لله عز وجل؟!

لو كان هؤلاء عندهم إخلاصٌ لله لعلموا أن الشافي هو الله: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:٨٠] وأن الناس لا يستطيعون جلب نفع، أو دفع ضر إلا بإذن الله، هذا ينبغي أن يعرفه المسلمون؛ لأننا نلمس قصوراً كبيراً في جانب التطبيق عند كثير من المسلمين.

ولا يقلل في هذه القضية من يعرف العقيدة أو من يعرف الواقع على حقيقته، فليس الواقع يُعرف من الناحية السياسية، ويغفل من الجانب العقدي الذي هو القضية الأساس وأصل الأصول كلها، وقضية القضايا باتفاق، وأهم القضايا على الإطلاق، والعقيدة لا قائل: إنها في هذا الزمن ليست مهمة، أو إن الناس على عقيدة صحيحة!! هؤلاء الذين يقولون ذلك، ليعرفوا ما عليه حال كثير من الناس في كثيرٍ من البلاد الإسلامية.

وإذا كان الله عز وجل بمنِّه وكرمه طَهر بلاد الحرمين، فليس فيها وثنٌ يعبد ولا صنمٌ يقصد، فإن في كثيرٍ من البلاد ما يشتكى إلى الله من التقصير في هذا الجانب المهم.

فينبغي على الدعاة إلى الله وعلى طلبة العلم أن يعنوا بهذا الأمر غاية العناية، وأن يعلموا أن هذه هي القضية الأساس، فلا يدعى الناس إلى فكر ولا إلى سلوك ورقائق، ولا يدعى الناس إلى مناهج ومذاهب ومشارب، وإنما يدعى الناس إلى ما دعا إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨].

لكن على المسلم ألا يقلل من جهود إخوانه الدعاة، وأن يعرف لهم فضلهم وسبقهم، وليكن عوناً لهم في الخير (كل ابن آدم خطاء) وكل بني الإنسان يُخطئ، لكن علينا أن نتواصى ونتعاون على الحق وبيانه والإرشاد إليه، وأن يتناصح الدعاة إلى الله فيما بينهم، ليرجع من ضل منهم إلى الهدى -هذا هو الواجب- بلا تشهير وبلا تتبعٍ للسقطات، ولا نشر للسوءات، بل ينبغي أن يكون برفقٍ وحكمة، ليكون ذلك أدعى إلى القبول، وأقرب إلى الإخلاص.

إن من القواعد المقررة في الشريعة: (الأمور بمقاصدها).

عمدة الدين عندنا كلمات أربع من كلام خير البرية

اتق الشبهات وازهد ودع ما ليس يعنيك واعملن بنية

النية ينبغي أن نتواصى في حسنها وإخلاصها وصدقها، وأن تكون خالصة لوجه الله عز وجل، فو الله لن تصيب من الدنيا إلا ما كتب لك، ولن تبلغ الكراسي، ولا المناصب، ولا الزعامات يوم أن تعمل لغير الله، ووالله لن تصيب المكانة والشهرة يوم أن تدعو لغير الله، ولا يكون لدعوتك ولا لعلمك قبولٌ عند الناس، ولا أثرٌ في الدنيا ولا في الأخرى إلا بقدر إخلاصك لوجه الله.