للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قدوم الشيخ عبد الرزاق إلى السعودية]

مَنَّ الله على الشيخ وشَرُف الشيخ وشَرُفَت بلاد الحرمين الشريفين بالشيخ رحمه الله، فمن نعم الله عز وجل على هذه الأمة وعلى هذه البلاد وعلى الجزيرة أن هيأ لها الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، رحمه الله، فجمع الله به البلاد والعباد على منهجٍ واحد، فبعد أن ضربت الجزيرة في الفرقة والخلاف وفي القبائل وغير ذلك من الأمور الكثيرة، جمعهم الله على يد الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله، فقد رأى مع علماء هذه البلاد -وفي مقدمتهم سماحة المفتي السابق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله- أن البلاد بحاجةٍ إلى مجموعةٍ من العلماء الذين عُرِفوا بعمقهم العلمي وبحسن منهجهم العقدي وبإثرائهم البلاد وأهلَها بالعلم والتحصيل والتوجيه فكان أن استُقْدِم مجموعةٌ مباركة من علماء الأزهر، مِن أهمِّهم وأولاهم وأفضلهم: شيخنا الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله، ومنهم أيضاً: الشيخ عبد الظاهر أبو السمح إمام الحرم المكي الشريف رحمه الله، ومنهم: الشيخ محمد بن عبد الرزاق حمزة، ومنهم: الشيخ: محمد خليل الهراس، ومجموعةٌ مباركة من كبار علماء الأزهر المعروفين بحسن عقيدتهم، وحسن منهجهم، فأتوا إلى هذه البلاد المباركة لما افتُتِحت المدارس عن طريق مديرية المعارف آنذاك، وافتتحت دار التوحيد بـ الطائف وافتُتِحت المعاهد العلمية التي هي نواة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

ففي عام ألفٍ وثلاثمائة وثمانية وستين قَدِم الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله إلى بلاد الحرمين الشريفين، لم يأتها طالباً للدنيا علم الله، ولم يأتها يريد المنصب، ولم يأتها يريد المال، كما يأتيها كثيرٌ من الناس اليوم ممن لم يصونوا العلم، لكنه أتى إليها حباً في الحرمين وأهلها، وحباً في الإسلام وعلماء الدعوة السلفية الذين ساروا على منهج الدعوة الإصلاحية، منهج الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ولا شك أن هذه البلاد المباركة التي هي مأرز الإيمان وموئل العقيدة، عنيت بالمنهج الاعتقادي الصحيح، وكان الشيخ -وهو من كبار علماء السنة في العصر الحاضر- كان حريصاً على أن يكون في ظل هذه البلاد يستفيد منها ويفيد أجيالها وناشئتها.

فكان أن شرُفت هذه البلاد به وشرُف بها، وأتى مع كوكبةٍ من علماء الأزهر، وكان لهم بعد الله الفضل والشرف في أن يُخرجوا جيلاً من العلماء.