للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ابتلاءات حصلت للشيخ عبد الرزاق]

مرت في حياة الشيخ مواقف، فابتُلي في هذه الدنيا، ببلاء المرض، فكان يصاب بالصرع وهو منذ سبع سنوات، وكان أصيب بالشلل مرتين، وأصيب أخيراً بالسكَّر وضغط الدم، وضعف في أجهزة الكبد والكلى، حتى توفي رحمه الله، ومع هذا كان الشيخ صابراً محتسباً متجلداً لا يعرف من يواجهه أو يلاقيه أن به مصيبة، وهذا من تجلد المؤمن قال رسول صلى الله عليه وسلم: {عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير}.

وابتلي الشيخ رحمه الله بفقد الولد، فلقد كان له خمسةٌ أبناء ثلاثةٌ منهم، توفوا والشيخ على قيد الحياة، هم أحمد أكبر الأولاد، وعبد الله وعبد الرحمن رحمهم الله جميعاً، لكن الوالد، انظر إلى موقف الوالد، الصابر المحتسب، تأتيه رسالة وهو يدرِّس في المعهد العلمي، فيفتح الرسالة في استراحة المدرسين -بين الحصص- فلا يزيد إلا أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله! إنا لله وإنا إليه راجعون! ويغلق الرسالة ويذهب يدرِّس الدرس الذي عليه بعد أن يسمع المصيبة، ماذا بالشيخ؟ توفي ولده رحمه الله.

توفي أكبر أولاد الشيخ وهو في المعهد العالي للقضاء، جاءه خبره وذهب الشيخ كعادته يدرِّس في المعهد العالي للقضاء في يوم خبر وفاة ابنه ودخل إلى القاعة ودرَّس الطلاب في مادة التفسير، ودرسهم وكأن الشيخ ليس به شيءٌ البتة، ولم يُرَ عليه تلعثم ولا تلكؤ، بل أعطاهم المادة العليمة كخير ما تؤدى، وبعد ذلك يطرح عليه الطلاب الأسئلة الطلاب، فما إن خرج الشيخ من القاعة حتى توافد عليه إدارة المعهد والمدرسون يعزونه في وفاة ابنه الذي جاء خبر وفاته في ذلك اليوم.

فيقول الطلاب: ليست دهشتنا من موت ابن الشيخ، وليست دهشتنا من أن الشيخ جاء ليدرس؛ لكن دهشتنا وانبهارنا من صبر الشيخ وتجلده! وكأنَّ شيئاً لم يكن، يرضى بقضاء الله وقدره، ولا يقعده ذلك عن العمل.

لم يجلس ثلاثة أيام، ولم يجلس ليأخذ إجازة؛ لأنه جاءته مصيبة.

يُتوفى ابنُه عبد الله -أيضاً- بسكتةٍ قلبية، ويموت أحب أبنائه إليه عبد الرحمن وكان زميلاً لنا في الكلية، يموت بحادث والشيخ متجلد وصابر رحمه الله، لم يظهر منه جزعٌ البتة، وكان لا يزيد على أن يسترجع.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يرفع منزلته ويجعل ذلك في ميزان حسناته بمنه وكرمه.