للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طبيعة الحياة الدنيا عدم خلوها من المشاكل]

القضية الثالثة التي ألفت النظر إليها: أن وجود هذه الحياة ووجودنا في هذه الحياة إنما هو ابتلاء وامتحان، فالحياة لا تسلم من مشكلات، ولا يمكن أن تكون الحياة وروداً كلها، ولا يمكن أن تكون المجتمعات والأسر والأفراد والبيوت سليمة من المشكلات، لكن المشكلات على نوعين:

النوع الأول: ابتلاء وامتحان من الله عز وجل، فهذا علاجه وشفاؤه بيد الله عز وجل، وعلى الإنسان أن يصبر ويحتسب ويتضرع إلى الله عز وجل ليفرج عنه كربته، وإلا فلا تجد أحداً إلا وعنده من المنغصات والابتلاءات والمشكلات ما لا يعلمه إلا الله.

النوع الثاني: مشكلات أحدثها الناس أنفسهم لأنفسهم، فلم تكن لتحدث لو أن الناس التزموا في أمورهم هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام، فإن هذه الشريعة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم ضمنت الخير للبشرية، ولا يشك أحد من المسلمين -بحمد الله- في هذه القضية المسلَّمة، بل إننا نجد أنفسنا اليوم أكثر قناعة -مع قناعتنا ولله الحمد والمنة- حينما أفلست النظريات الغربية والفلسفات الشرقية، وتهاوت أمام عظمة الإسلام وعلوه ورفعة منزلته، كل ذلك يجب أن يزيد المسلمين تمسكاً بعقيدتهم، عندما يرون أن البشرية التي جربت ما جربت من النظريات والفلسفات والقضايا التي تريد أن تحقق لها النفع قد خسرت وفشلت وباءت بالذلة والمهانة والصغار، وهاهي تموت في عقر دورها، وهاهي تفشل اليوم في أماكن نشوئها وعزها، فهذه أكبر قناعة يقتنع بها المسلمون أن دينهم الإسلامي -ولله الفضل والمنة- قد تكفل بكل علاج، وأنه هو الدين الشامل الكامل الذي لا يمكن أن يتأتى للبشرية خير ولا فلاح ولا سعادة إلا من خلال التمسك به.

هذه توطئة للموضوع الذي سوف ندخل فيه، ونحن في هذه الأمسية -أيها الإخوة في الله- نتذاكر بعض القضايا المهمة التي تؤرقنا في الحقيقة، ولا يجوز لنا أن نسكت عنها أبداً؛ لأن واجب المسلم أن يحس بإحساس إخوانه المسلمين، من الشباب والفتيات والأزواج والزوجات والأسر، ومن العامة والخاصة والصغار والكبار الذين يحسون بهذه القضايا، فليس من حقوق المسلم تجاه أخيه المسلم أن يغفل عن قضاياه، بل يجب عليه أن يعالجها وأن يناصحهم، وأن يحرص كل الحرص على أن يقدم لإخوانه المسلمين العلاج بقالب النصح والمودة، وقالب العمل والتطبيق، فلا يكفي في مجال النصح مجرد الكلمات، ومجرد الخطب والمواعظ والمحاضرات ولكننا نحتاج إلى خطوات عملية.