للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحكيم العادات والأعراف على الشرع]

من أسباب وجود هذه المشكلات: استحكام ما يسمى بالعادات والأعراف والتقاليد المخالفة للإسلام.

نحن أمة لا نأخذ ديننا إلا من كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، وإن كان في شريعتنا ما يعرف بالعرف فإن العرف له ضوابط وشروط، فلا يؤخذ بالعرف إذا خالف الشرع بإجماع العلماء، فإذا كانت الأعراف والعادات والتقاليد حسنة لا تتنافى مع الإسلام فهي على العين والرأس، أما إذا كانت تخالف الإسلام فهي مرفوضة، ويجب أن يضرب بها الناس عرض الحائط.

إن مصدر التلقي عند المسلم كتاب ربه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، لا يقول: أنا سأنظر إلى قبيلتي وعشيرتي، ماذا يقولون؟ هل نجعل الزواج مختصراً أم نجعله كبيراً، نجمع فيه الناس جميعاً ونذبح فيه ما يزيد على العشرات من الأغنام، ويكون في أحسن قصر من القصور، ويكون -أيضاً- من عادة قبيلتي وعشيرتي أو ما اعتدنا عليه أن يكون المهر مائة ألف أو مائة وخمسين أو مائتين أو أقل أو أكثر؟

يجب أن ينظر الناس في ذلك إلى شريعة الله، وإلى شريعة محمد بن عبد الله، أولسنا مؤمنين؟! لو قلت لإنسان ذلك لخشيت أن يضربك وأن ينالك منه إهانة وسباً وتقريعاً، لكن أين الإيمان؟ أين الأدلة العملية على تحقيق الإيمان؟ أولست مؤمناً؟

إذاً: فالإيمان يأمرك باتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومن هديه عليه الصلاة والسلام: التيسير في أمور الزواج وعدم المغالاة فيها.

ولهذا أُلفت النظر إلى قضية خطيرة يقع فيها كثير من الناس، وهي: كره شيء مما أنزل الله أو شيء مما جاء به الإسلام على حساب ما يعرف بالعادة والقبيلة والعرف والتقليد الذي نحن سائرون عليه، أن يكره شيئاً من الشريعة، أو أن يبغض شيئاً مما جاء به الإسلام بحجة الأعراف والعادات والتقاليد، وذلك صنم قد يعبد من دون الله عند بعض الناس والعياذ بالله! تضرب أوامر الشرع ظهرياً وتترك كأنهم ليسوا بمسلمين! وهؤلاء يخشى أن يحل فيهم قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٩] ومن أبغض شيئاً مما جاء به الإسلام أو كرهه أو كره من عمل به بسبب أنه متبع فيه هدي الإسلام؛ فذلك نوع من أنواع الردة عن الدين والعياذ بالله! شعر الإنسان أو لم يشعر، وما أكثر الذين يقعون في هذا وهم لا يعلمون!

أيها المسلمون: نحن أمة نتلقى ديننا وأمورنا من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويعجبني كثير من الناس عندما يسأل عن هدي الإسلام في مثل هذه القضايا، ولا سيما من الشباب المتطلع المتمسك بالعقيدة والمعتز بإسلامه، لكنه يواجه بمشكلات وعقبات كأراء من أناس لم تترسخ العقيدة الإيمانية في قلوبهم وانتسبوا إلى الإسلام اسماً، لكن انظر إليه في مجالات التطبيق العملي في البيوت والأسر، وفي مثل هذه القضايا الاجتماعية فتجد بوناً شاسعاً بينهم وبين ما يجب أن يكونوا عليه!