للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التعدي على مقام الألوهية والرسالة]

إخوة العقيدة: ولعل أهم بواعث طرح هذا المشروع الحضاري: تلك الحملات الموتورة التي تصوب سهامها ضد دين الأمة وقيمها، وثوابتها وبلادها، فتطاولت على مقام الربوبية والألوهية، ونالت من جناب صاحب الرسالة المصطفوية -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم- وسخرت من الحدود الشرعية وطالبت بإلغائها، وهاجمت الحجاب وقضايا المرأة المسلمة، وحملت على مناهج التعليم الإسلامي، واتهمت المؤسسات الخيرية والإغاثية والإنسانية، وشوهت دورها الريادي الذي تقوم به عالمياً، وسلطت ألسنة حداداً وأبواقاً شداداً على بلاد الحرمين -حرسها الله- في أهم جوانب كيانها ومكونات وجودها، تشويهاً للحقائق وتضخيماً للهنات والشقاشق، وما ذاك إلا لأنها محضن الإسلام، ومأرز الإيمان، ومتنزل القرآن، ولها المكانة الكبرى والقدح المعلى في تبني قضايا المسلمين والدفاع عن حقوقهم.

والأدهى من ذلك الأساليب المنفرة التي تقوض دعائم السلام العالمي، وتخلخل ضمانات الأمن الدولي، وتسهم في إضعاف فرص التعايش بين الحضارات، وتدعم الصراع بين المؤسسات، وتغذي الإنسانية بالأحقاد، وتذكي لهجة الكراهية بين الشعوب، وتهز المصداقية والموضوعية في الطرح والرؤى، وتروج الأكاذيب والأراجيف والشنشنات الأخزمية، وكل ذلك لن يضير هذا الدين بحمد الله، بل لقد كان من أسباب الإقبال عليه والقراءة عنه.

كما أن هذه الافتراءات سوف تتحطم -بإذن الله- أمام صخرة تمسك الأمة بثوابتها، وتتلاشى أمام سدها المنيع، المتمثل في عدم اهتزاز قناعات الأمة بدينها، وتلاحم رعاتها ورعيتها في مرحلة حرجة، وفترة عصيبة، تتطلب بُعْد النظر، وتغليب منطق العقل والحكمة، والإرجاء لصغار المصالح لئلا تفوت كبارها، والأخذ بأدنى المفاسد حتى لا تحصل عظامها، فالدين والأمة، والمجتمع والبلاد مستهدفة في أعز مقوماتها.

ولذلك فإن تبني الأمة للمشروع الحضاري الإسلامي، يحقق الحفاظ على ثوابتها وعلى هويتها، ويوحد جهودها في مواجهة المخاطر، ويحفظها -بإذن الله- أن تستدرج لمعارك خاسرة، أو يستثار ويستفز بعض أبنائها في أنماط هامشية، تستجر الأمة من خلالها إلى ويلات من الفتن والمحن، وطوفان من الرزايا لا يعلم عواقبها إلا الله.

كما أن الحفاظ على جبهة الأمة الداخلية ووحدة صفها الأرضية الصلبة التي ينطلق منها هذا المشروع الحضاري، ليتفيء العالم ظلاله خيراً وعطاء وسعادة ونماء وأمناً وسلاماً وتسامحاً ووئاماً، في بعد عن غوائل الشرور والعنف والإرهاب، ومسالك الظلم والإفساد والإرعاب.