للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قضية العمل الصالح]

قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:١١٠]

وتلك هي القضية الرابعة: قضية العمل الصالح بعد قضية العلم والإيمان والتوحيد والاعتقاد، أن يعمل المسلم الصالحات، وأن يستغل وجوده في هذه الحياة التي هي دار ابتلاء ودار امتحان قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك:٢] وليس أيكم أكثر عملاً، وإنما لابد أن يكون العمل حسناً موافقاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والإيمان والعمل الصالح هما سببا السعادة والأمان والاطمئنان قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:٩٧] وقال سبحانه وتعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:٥٥]

ومن العمل الصالح: أداء الصلوات المفروضة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:٥] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة} وقال صلى الله عليه وسلم: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر}.

كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة، ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [[من سره أن يلقى الله غداً مؤمناً؛ فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها -يعني الصلاة مع الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف]].

الله أكبر! هذه هي همة الصحابة وهمة السلف في المحافظة في هذه الصلوات الخمس، فما بال هذه الصلوات اليوم طاش ميزانها، وخف معيارها ومثقالها عند كثير من المنتسبين إلى الإسلام اليوم مع الأسف الشديد:

نحن الذين إذا دُعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا

جعلوا الوجوه إلى الحجاز فكبروا في مسمع الروح الأمين فكبرا

هذه الصلوات التي من حافظ عليها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، هي أول ما يسأل عنه العبد، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر والعياذ بالله.

فعلينا عباد الله! وعلينا إخوة الإسلام! يا من شرفنا الله بهذا الدين! أن نعنى بعموده، أن نعنى بركنه الركين بعد الشهادتين، أن نقيم هذه الصلوات بخشوعها، بأركانها، بواجباتها، بمستحباتها، بالجماعة في بيوت الله عز وجل التي ما بنيت إلا لهذا.

فعلينا أيها الإخوة أن نقوم بهذا الأمر وأن نتواصى به، الأب يتفقد أبناءه، والمدرس يتفقد تلاميذه، وهكذا الأم في بيتها تتفقد أبناءها وبناتها، وكذلك المسلم أياً كان موقعه قال صلى الله عليه وسلم: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته}.