للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المسئولية تجاه الأبناء في الإجازة]

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وسع كل شيء رحمة وعلماً وتدبيراً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله أرسله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- وقوموا جميعاً بما أنتم مسئولون عنه أمام ربكم، ثم أمام الأمة والتاريخ، فلقد علمتم عِظَم منظومة المسئولية؛ من الخدمة الصغرى إلى قمة الهرم في الإمامة العظمى.

واعلموا -يا رعاكم الله- أن مسئولية النصيحة في هذه الأوقات ما يحدث من ظواهر اجتماعية، في أوقات الإجازات، فيا أيها الآباء والأمهات: يا أيها الطلاب والطالبات: يا أيها التربويون في كافة القنوات: ماذا أعددتم لشغل الفراغ والأوقات مدة هذه الإجازات؟!

إن واجب النصح للأمة في هذه القضية المهمة ينبغي أن ينصب على كيفية شغل أوقات فلذات الأكباد، وثمرات الفؤاد بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع العظيم والخير العميم.

أيها الإخوة الأحبة في الله: إن فرص استغلال الوقت في هذه الإجازة -لا سيما للشباب والفتيات- كثيرة بحمد لله، فينبغي أن نحرص على الفرص الشرعية المباحة، والمناسبات المرعية المتاحة، وليحذر العباد من تضيبع الأوقات في المحرمات والمشتبهات.

ألا وإن أنَفس ما صُرفت فيه الأوقات؛ العناية بكتاب الله تعلماً، وتعليماً، وحفظاً، وتدبراً، وفهماً، وعملاً، وتطبيقاً، والقراءة والاطلاع على الكتب الشرعية النافعة، والالتحاق بالدروات العملية، والمخيمات الدعوية، والمراكز الصيفية، والمعاهد المهنية التي يقوم عليها أهل الخير والصلاح، والدعوة والإصلاح، بما يعود بفائدة كبرى في زيادة المعارف، وحفظ الأوقات، وتنمية المواهب واكتساب المهارات.

ولا بأس بإدخال الفرح على الأهل والأولاد في سفر مباح في محيط بلاد الإسلام، ولنا مع السفر والمسافرين حديث قادم بإذن الله.

وألا وإن من غير المنكور وجود الأتقياء الأمناء في الأمة بحمد لله، ممن جدوا في أداء مسئولياتهم مستشعرين معية الله جلَّ وعلا فيها، حريصين على تقوية الوازع الديني وضمير الإحساس الإنساني في أداء حقوق الله وحقوق عباد الله، وبمثل هؤلاء يصلح حال الأمة، وتسعد مجتمعاتها بإذن الله، والله المسئول أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وإنه خير مسئول وأكرم مأمول.

ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على معلم البشرية، المبعوث بالحنيفية، خير من قام بالمسئولية، كما أمركم بذلك ربكم رب البرية، فقال تعالى قولاً كريماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على حبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفاءه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَ الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين واحمِ حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مُطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيدَّ بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه ونائبه لما فيه صلاح البلاد والعباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد.

اللهم كن لهم على الحق مؤيداً ونصيراً، ومعيناً وظهيراً يا جواد يا كريم!

اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك والمضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين وكشمير والشيشان، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على اليهود المعتدين، والصهاينة الغاشمين.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك فوق كل أرض، وتحت كل سماء يا ذا الجلال والإكرام!

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١].

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.