للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثبات المسلم على مبادئه]

المحور الأول: مهمة الإنسان في هذه الحياة؛ فهي سر وجوده، ووسام عزه، وتاج شرفه، وإكسير سعادته، تلكم هي عبوديته لربه عز وجل وتسخيره، كلما أفاء الله عليه بالقيام بها وعدم الغفلة عنها طرفة عين، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦].

وإن أمارة المسلم الحق: بقاؤه ثابتاً على مبادئه وفياً لدينه وعقيدته، معتزاً بأصالته وشخصيته، فخوراً بمبادئه وثوابته، لا يحده عن القيام برسالته زمان دون زمان، ولا يحول بينه وبين تحقيق عبوديته لربه مكان دون آخر، فمحياه كله لله، وأعماله جميعها لمولاه: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣].

فحيثما ما كان وحل، وأينما وجد وارتحل، فإنه يضع العبودية لله شعاره، وطاعته لربه دثاره، هذا هو منهج المسلم الصادق في إسلامه، القوي في إيمانه، الإيجابي في انتمائه.

ومن أسوأ ما أصيبت به الأمة في أعقاب الزمن: انتشار الانتماء السلبي وغلبة الفكر الهامشي الذي طغى على كثير من جوانب الحياة؛ مما أفرز أجيالاً تسيء فهم الإسلام على حقيقته، وتجعل للوثات الفكر المنحرف ومظاهر السلوك المحرم رواجاً في تكوين شخصيتها بانهزامية ظاهرة، وتبعية ممقوتة، وانسياق محموم، ولهث مذموم، خلف سراب موضات التشبه والتقليد، وبهارج العلمنة والتغريب المنتشرة في بعض صفوف المسلمين مع شديد الأسف، حتى ضاعت عندهم الهوية الدينية، وفقدت معالم الشخصية الإسلامية.

مما يتطلب إذكاء روح العزة الإيمانية في نفوس أبناء الأمة المحمدية: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:٨].