للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السياحة المباحة والسياحة المحرمة]

نعم لاستثمار السياحة في هذا المقصد الشرعي النبيل، إننا جميعاً مع السياحة بمفهومها النقي النظيف، المنضبط بالضوابط الشرعية، غير أن مما يبعث على الأسى أن في الأمة منهزمين كثراً، عبوا من ثقافة الغير حتى ثملوا، وزعموا -وبئسما زعموا- أن السفر والسياحة لا يمكن أن تتحقق إلا بأيام سوداء، وليال حمراء، ومجانبة للفضائل ونبذ للحياء، وإعلان بالفضائح ومجاهرة بالقبائح.

إن الولوغ في هذه المياه العكرة، والانسياق وراء أمراض الأمم المعاصرة، وأدواء المجتمعات المنحرفة، وإفرازاتها المنتنة، لا يمكن أن يقبله ذوو النفوس المؤمنة، والمجتمعات المحافظة.

نعم لسياحة التأثير لا التأثر، والاعتزاز لا الاهتزاز، والفضيلة لا الرذيلة، والثبات لا الانفلات، كيف وقد ثبت -بما لا يدع مجالاً للشك- أن أعداء الإسلام يستهدفون أفواجاً من السياح المسلمين للوقيعة بهم، فيبهرونهم عن طريق الغزو الفكري والأخلاقي ببلادهم، ويستغلون كثيراً من السائحين اقتصادياً وأخلاقياً، ويجرونهم رويداً رويداً إلى حيث الخنا والفجور، والمخدرات والخمور، والتبرج والاختلاط والسفور.

بل قد يرجع بعضهم متنكراً لدينه ومجتمعه وبلاده وأمته، أين العقول المفكرة عن الإحصاءات المذهلة من مرضى الهزبر والإيدز، ومن عصابات وشبكات الترويج للمسكرات والمخدرات؟!

إننا نناشد المسافرين والسائحين أن يتقوا الله في أنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم وأمتهم، ونقول لهم: قبل أن ترفعوا أقدامكم: فكروا أين تضعوها؟

فمن مشى غرة في موضع زلقاً

نعم.

سافروا للخير والفضيلة والدعوة والإصلاح، فلا حجر عليكم، وكونوا ممثلين لبلادكم الإسلامية، مظهرين لدينكم، داعين إلى مبادئه السمحة، حيث يتخبط العالم بحثاً عن دين يكفل له الحرية والسلام، ولن يجده إلا في ظل الإسلام.

فكونوا أيها المسافرون سفراء لدينكم وبلادكم، مثلوا الإسلام أحسن تمثيل، كونوا دعاة لدينكم بأفعالكم وسلوككم، لا تبخلوا على أنفسكم باصطحاب رسائل تعريفية بالإسلام ومحاسنه وتعاليمه السمحة، فو الله: {لَأَنْ يَهْدِيَ الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم}.