للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وسائل معينة على حفظ القرآن الكريم]

السؤال

أنا طالب أريد حفظ القرآن الكريم، فما الطرق الموصلة إلى ذلك؟ وما هو الوقت المناسب للحفظ؟ وما المنهج الذي كنت تسير عليه فضيلة الشيخ وأنت صاحب تجربة في ذلك؟

الجواب

الله المستعان! يُشكر الأخ السائل على طرح هذا السؤال المهم، الذي أرجو أن يترجم واقعاً عملياً تطبيقياً وليس مجرد رغبات وأماني.

حفظ كتاب الله عز وجل والإقبال عليه نعمة عظيمة ينبغي علينا أن نحرص عليه {من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف ولكن (ألف) حرف و (لام) حرف و (ميم) حرف} وما تعثرت مسيرة الأمة شباباً وشيباً، رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، وضلت في كثير من مناهجها؛ إلا لما أعرضت عن القرآن، وبني بعض أبنائها وشبابها على غير القرآن.

فعليكم -أيها الإخوة- أن تقبلوا على القرآن، وعليكم أيها الشباب أن تحرصوا على الإقبال على القرآن، وأرجو أن نأخذه عهداً على أنفسنا أن نبدأ من هذه الليلة في أن نبادر إلى مشروع حفظ كتاب الله عز وجل، ولو أن يبدأ الإنسان بآية واحدة أو آيتين أو أكثر أو أقل، المهم أن تكون عنده هذه الهمة.

أما أن يرغب بالأمر مجرد رغبة وأمانٍ؛ فالأماني رءوس أموال المفاليس، لابد أن يبادر الإنسان العزم.

أول ما ينبغي على حافظ القرآن أن يخلص النية لله، يقرأ القرآن ابتغاء وجه الله، لا يقرأ ليقال قارئ وإنما يقرأ تعظيماً لمنزل هذا الكتاب سبحانه وتعالى وتقديراً له حق قدره تبارك وتعالى، ففضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه.

ثم عليك -أيها الأخ المبارك الذي تريد حفظ كتاب الله عز وجل- أن تخصص لك وقتاً لحفظ كتاب الله: ساعة بعد الفجر، أو بعد العصر، أو قبل النوم، أو أي وقت من الأوقات التي ترى أن ذهنك وعقلك فيها ونفسك فيه خالية من المشاغل، فعليك أن تخصص وقتاً تقرأ فيه كل يوم ورداً أو حزباً أو جزءاً من القرآن أو وجهاً أو صفحة أو نصف صفحة أو ما إلى ذلك على حسب جهدك، المهم أن تبدأ ولو بخطوة واحدة وقديماً قيل: مسافة المائة ميل تبدأ بخطوة واحدة.

فلنبدأ ولنعلم أن الله سيعيننا فالله عز وجل قال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:١٧] ومتى علم الله من عبده الخير أعانه ووفقه عليه.

كذلك يجب أن يقرأ القرآن على قارئ، على مجود، على متقن، أن يكون هناك شيخ تقرأ عليه، والحمد لله جمعيات تحفيظ القرآن الكريم تكاد تكون ميزة من ميزات بلادنا شرفها الله وحرسها التي أنزل فيها هذا القرآن، فينبغي على أبنائنا وعلى شبابنا الرجال والنساء أن يلتحقوا بحلق وجمعيات تحفيظ كتاب الله تبارك وتعالى، وينبغي على الآباء أن يهتموا بهذا، بعض الناس يحرص على أن يكون ابنه بلبلاً في اللغة الإنجليزية -كما يقولون- أو حريصاً على العلوم العصرية، أو يأخذ دورات في الكمبيوتر والحاسب الآلي وما إلى ذلك لكن ابنه قد لا يحسن الفاتحة! ما هذا الانهزام أمام الاهتمام بكتاب الله تبارك وتعالى؟ وما هذا الانبهار وهذه الانهزامية أمام العلوم المعاصرة التي تريد أن تزاحم أفضل العلوم وأجل العلوم وأشرفها؟

يا أيها الأب المسلم! أتزهد في هذا الثواب العظيم حينما ينادى عليك في درجات الجنة وتدعى وتلبس وتتوج تاج الكرامة وتاج الوقار لتنشئتك وتربيتك وتعليمك ابنك حفظ كتاب الله تبارك وتعالى؟

أيسرك أن يكون ابنك من حفظة كتاب الله ورواد المساجد ومن الحريصين على الجلساء الصالحين؟ أم تريد أن يكون ابنك في الشوارع والأحياء والحارات يؤذي عباد الله، وأن يذهب مع عصابات الشر والجريمة والمسكرات والمخدرات؟

فعلينا بالتنشئة القوية الحسنة الصحيحة على كتاب الله، ثم الحمد لله اليوم القرآن أمره ميسر، القرآن في كل بيت، الشريط القرآني في كل بيت، علينا أن نستمع وأن نقرأ وأن نحرص ولنثق بعون الله عز وجل وتوفيقه.