للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السياحة والتنزه في أرض الحرمين]

الحمد لله تعاظم ملكوته فاقتدر، وعزَّ سلطانه فقهر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أمرنا بتقواه في الحضر والسفر، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما اتصلت عينٌ بنظرٍ وأذن بخبر، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.

أيها الإخوة في الله: إن من التحدث بنعم الله وشكر آلائه سبحانه ما حبا الله بلادنا الطيبة المباركة -حرسها الله- من مقوماتٍ شرعية وتاريخية وحضارية، تجعلها مؤهلة لتكون بلد السياحة النظيفة النقية، فهي -بإذن الله- قادرة على إعطاء مفهومٍ صحيح ووجه مشرقٍ للسياحة التي خيل لبعض المفتونين أنها صناعة الفجور والانحلال، والفسق والضلال.

أوليس الله قد منَّ على بلادنا بالحرمين الشريفين، مهوى أفئدة المسلمين، ومحط أنظارهم في العالمين؟!

شعائر الإسلام فيها ظاهرة، وأنوار التوحيد في سمائها باهرة! أوليست بلادنا تنعم -بحمد الله- بالأجواء الممتعة المتنوعة، والأماكن الخلابة المتعددة، التي تشكل منظومة متألقة يقل نظيرها في العالم؟! فمن البقع المقدسة، إلى الشواطئ الجميلة والبيئة النظيفة السليمة من أمراض الحضارة المادية، وإفرازاتها الحسية والمعنوية، إلى الجبال الشم الشاهقة، ذات المنظر الجميل، والهواء العليل، والأودية الخلابة، والأماكن الجذابة مروراً بالمصائف الجميلة، والصحاري الممتدة، ذات الرمال الذهبية العجيبة.

يتنقل المرء في روابيها، ويتنزه في نواحيها، يسعد في أجوائها، ويسافر إلى جميع أنحائها، فلا بأس بإدخال الفرح على الأهل والأولاد في سفرٍ مباح في محيطها المبارك، أو اصطحابهم إلى بيت الله الحرام في عمرة، أو إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة وفي سياحة مشروعة بريئة، توصل فيها الأرحام، وتحصل فيها الراحة والاستجمام، مع المحافظة على الخير والفضيلة، والبعد عن أسباب الشر والرذيلة، وأهم من هذه المقومات المادية والحسية المقومات المعنوية والمميزات الحضارية الشرعية، والخصائص الإسلامية، والآداب الأصيلة العربية، التي تحكي عبق التاريخ والحضارة المعطرة بالإيمان، الندية بالمروءة والإحسان في بلادنا السياحة الروحانية، والنزهة الربانية، والمتعة الإيمانية.

فهل بعد ذلك يستبدل بعض الناس الذي هو أدنى بالذي هو خير في تأثيراتٍ عقدية وثقافية، وانحرافاتٍ فكرية وأخلاقية وسلوكية ومخاطر أمنية، وأمراضٍ صحية ووبائية، مما لا يخفى أمره على ذوي الحجى، ولا يغيب عن أولي النهى، وبذلك يتحقق لمن ينشدون الطهر والعفاف والفضيلة والنقاء، والخير والحياء والصفاء التمتع بأجواءٍ سياحية مباحة، ويسد الطريق أمام الأبواق الناعقة، والأقلام الحاقدة، التي تسعى لجر هذه البلاد المباركة إلى ما يفقدها خصائصها ومميزاتها، ويخدش أصالتها وثوابتها.

ألا فلنشكر الله على نعمه وآلائه، ولنحافظ عليها بطاعته واتباع أوامره واجتناب نواهيه، حفظ الله لهذه البلاد عقيدتها وقيادتها وأمنها وإيمانها، وحماها من كيد الكائدين، وسائر بلاد المسلمين بمنه وكرمه.

وأخيراً: أيها الإخوة المسافرون: إذا قضى أحدكم نهمته من سفره؛ فليعد إلى أهله وبلده، وليقل: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون.

وختاماً: أيها المسافرون! نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، نستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم، ونسأل الله أن يحفظنا وإياكم في الحل والترحال، وأن يعيدكم إلى أهلكم سالمين غانمين، مأجورين غير مأزورين، إنه خير المسئولين وأكرم المأمولين.

ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على خير من أقام وسافر، وجاهد وهاجر، النبي المصطفى والرسول المجتبى، إمام المتقين، وأفضل المقيمين والمسافرين، كما أمركم بذلك ربكم رب العالمين، فقال تعالى قولاً كريماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا.

اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى.

اللهم وفقه ونائبه إلى ما فيه خير البلاد والعباد يا ذا الجلال والإكرام!

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

اللهم اجعل لنا من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلاءٍ عافية، اللهم اصرف عنا شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار.

اللهم يا سميع الدعاء! يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! يا ذا المن والعطاء! يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء! نسألك اللهم بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تنصر إخواننا المسلمين المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين وكشمير والشيشان.

اللهم عليك باليهود فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بالصهاينة فإنهم لا يعجزونك، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، واجعلهم عبرة للمعتبرين، واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين يا ذا الجلال والإكرام

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين!

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.