للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من يحمل هَمَّ القبول؟

إن السؤال المطروح الآن بإلحاح: هل أخذنا بأسباب القبول بعد رمضان، وعزمنا على مواصلة الأعمال الصالحة، أو أنَّ واقعَ كثير من الناس على خلاف ذلك؟! هل تأسينا بـ السلف الصالح رحمهم الله، الذين تَوْجَل قلوبهم وتحزن نفوسهم عندما ينتهي رمضان؟ لأنهم يخافون أن لا يُتَقَبَّل منهم عملهم، لذا فقد كانوا يكثرون الدعاء بعد رمضان بالقبول.

ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله عن معلى بن الفضل، أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم، كما كانوا رحمهم الله يجتهدون في إتمام العمل، وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من ردِّه.

سألت عائشة رضي الله عنها الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:٦٠] {أهم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر؟ قال: لا.

يا ابنة الصديق؛ ولكنهم الذين يصلُّون ويصومون ويتصدقون ويخافون أن لا يُتَقَبَّل منهم}.

ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [[كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:٢٧]]].

وعن فَضالة بن عبيد قال: [[لو أني أعلم أن الله تقبل مني مثقال حبة خردل أحبُّ إلي من الدنيا وما فيها؛ لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:٢٧]]].

وقال عطاء: [[الحذر: الاتقاء على العمل أن لا يكون لله]].

وقال ابن دينار: [[الخوف على العمل أن لا يُتَقَبَّل أشد من العمل]].

إخوة الإيمان: وماذا بعد شهر رمضان؟ ماذا عن آثار الصيام التي صنعها في نفوس الصائمين؟

لننظر في حالنا، ولنتأمل في واقع أنفسنا ومجتمعاتنا وأمتنا، ولنقارن بين حالنا قبل حلول شهر رمضان وحالنا بعده: هل ملأت التقوى قلوبنا؟ هل صلحُت أعمالنا؟ هل تحسنت أخلاقنا؟ هل استقام سلوكنا؟ هل اجتمعت كلمتنا وتوحدت صفوفنا ضد أعدائنا، وزالت الضغائن والأحقاد من نفوسنا؟ هل تلاشت المنكرات والمحرمات من أسرنا ومجتمعاتنا؟