للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوسطية في التحليل والتحريم والنظر والاستنباط]

أمة الإسلام: ومن المجالات المهمة، التي تبرز فيها وسطية هذه الأمة ما يتعلق بالتشريع والتحليل والتحريم، ومناهج النظر والاستدلال، فتوسطت الشريعة في هذه المجالات بين اليهود الذين حرم عليهم كثيراً من الطيبات، وبين قوم استحلوا حتى المحرمات، والحكم بالتحليل والتحريم حق لله سبحانه (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) [الأنعام:٥٧] {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف:٥٤] {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف:٣٢].

وفي منهج النظر والاستنباط: وازن الإسلام بين مصادر التلقي والمعرفة، ووافق بين صحيح المنقول وصريح المعقول، وعالم الغيب والشهادة، وإعمال النصوص ورعاية المقاصد واستجلاء القواعد، وحكم الشريعة وأسرارها، ووازن يبن تحقيق المصالح ودرء المفاسد.

معشر الأحبة: وفي مجال الأخلاق والسلوك مظهر من مظاهر الوسطية في هذا الدين بين الجنوح إلى المثالية والواقعية، وسطية تزكي المشاعر وتهذب الضمائر، وتسمو بالتفكير والشعور وتوازن بين متطلبات الفرد والمجتمع، وإعمال العقل والعاطفة، في تربيةٍ متوازنة وتنسيق متسق بديع، على ضوء المنهج النبوي: {إن لنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه} خرجه أحمد ومسلم.

وفي النظام الاقتصادي: وازن الإسلام بين حرية الفرد والمجتمع، فيحترم الملكية الفردية، ويقرها ويهذبها بحيث لا تضر بمصلحة المجتمع، فجاء الإسلام وسطاً بين رأسمالية ترعى الفرد على حساب الجماعة، واشتراكية تلغي حقوق الأفراد وتملكهم بحجة مصلحة الجماعة.

وفي مجال: الإنفاق تتحقق الوسطية في قول الحق تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:٦٧].

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: [[هو الحسنة بين سيئتين]] والمراد أن الإسراف سيئة والتقتير سيئة، والحسنة ما بين ذلك، فخير الأمور أوساطها.

ولا تغلُ في شيء من الأمر واقتصد كلا طرفي قصد الأمور ذميم