للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاعتصام بالكتاب والسنة نجاة عند المتغيرات]

الحمد لله الذي أبان الطريق وأوضح المحجة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسله مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة، وأشهد أن نبينا وحبينا محمداً عبد الله ورسوله، كساه من حلل النبوة ما زاده مهابة وبهجة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين فدوه بكل ما لديهم من نفس ومهجة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما أمَّ هذا البيت زائر واعتمره وحجه.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله! ورووا قلوبكم وأرواحكم من شمائل نبيكم صلى الله عليه وسلم، وتأملوا خصاله العظيمة، وشمائله الكريمة، واربطوا أنفسكم وناشئتكم وأسركم بها، رباطاً محكماً وثيقاً، يسمو عن التخصيص في أوقات، والتعيين في مناسبات؛ فليس هذا من منهج السلف الثقات.

واعلموا -رحمكم الله- أن هذه الشمائل المصطفوية، والسجايا النبوية، ينبغي أن يكون لها تأثير عملي في إصلاح المنهج، وأثر تطبيقي في إحكام المسيرة والبناء، في عصر كثرت فيه المتغيرات، وتسارعت فيه المستجدات، عبر كثيرٍ من القنوات والشبكات، فالسنة خير عاصم من شرور هذه القواصم.

وإن الأمة اليوم في حاجة أكثر من أي زمن مضى إلى الاتحاد على منهج الكتاب والسنة، حتى تتلقى الجهود في ميدان واحد، نحو الهدف السامي الذي يسعى إليه كل مسلم، لقيادة سفينة الأمة إلى بر الأمان، وشاطئ السلام، بعيداً عن كل ما يُعكِّر صفو ورودها، وإن كل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام في خدمة دينه وعقيدته وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بحسب مكانه ومسئوليته، فأروا الله -أيها المسلمون- من أنفسكم خيراً.

سيروا بخطى متوازنة، يتوجها العلم الشرعي الذي من خلاله يبنى الوعي الواقعي، لتأخذ هذه الأمة دورها القيادي، ومكانها الريادي من جديد في مقدمة الركب، ولتقود البشرية الحيرى مرة أخرى إلى مواطن العز والشرف، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى، صاحب الحوض المورود واللواء المعقود والمقام المحمود.

من بلغ العلا لجلاله سطع الدجى لجماله

حسنت جميع خصاله صلوا عليه وآله

صلوا عليه صلاة متبع له، محب له، مقتفٍ آثاره، متمسك بسنته، فلا إطراء ولا جفاء، كما أمركم بذلك ربكم جلَّ وعلا، فقال تعالى قولاً كريماً في محكم التنزيل، وصدق القيل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلَّ على نبينا محمد ما ذكره الذاكرون، وصلَّ عليه ما غفل عن ذكره الغافلون، اللهم أحينا على محبته، وأمتنا على ملته، وثبتنا على سنته، وأكرمنا بشفاعته، وأوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً، وأنلنا شرف صحبته في عليين، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا.

اللهم وفقه لما تُحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه ونائبه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، يا ذا الجلال والإكرام!

اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك والمستضعفين في دينهم في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين وكشمير والشيشان.

إلهنا عز جارك، وجلَّ ثناؤك، وتقدَّست أسماؤك، نسألك يا من لا يخلف وعدك، ولا يهزم جندك، أن تنصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في فلسطين على اليهود المعتدين، والصهاينة الغاصبين، اللهم إن اليهود قد طغوا وبغوا وأرهبوا وأسرفوا في الطغيان وأفسدوا، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجزونك، اللهم شتت شملهم، وفرِّق جمعهم، واجعلهم غنيمة للمسلمين يا رب العالمين!

اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين، اللهم وفق أبناءنا وفتياتنا وطلابنا وطالباتنا، اللهم بلغهم فيما يرضيك آمالهم، وحقق في طاعتك رغائبهم، وأنجح مقاصدهم، واجعل النجاح والتوفيق حليفهم في الدنيا والآخرة.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

اللهم انصر دينك، وكتابك، وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين.

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين!

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.