للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسئولية الناس في الحفاظ على عقيدتهم وأمتهم]

إخوة الإسلام: لقد مرت على هذه الأمة فتراتٌ متباينة عاشت فيها بين مدٍ وجزر تقوى تارة وتضعف أخرى تتحد حيناً وتفترق أحياناً ترتبط بالوحيين فتعلو وتتمسك بهما فتنجو، وتبتعد عن النورين فتخبو، وتتساهل في شرع ربها فتكبوا.

وحينما يتأمل المسلم أوضاع أمتنا الإسلامية عبر التاريخ كله، ويديم النظر في أحوالها على امتداد القرون والدهور، واختلاف الأنظار والعصور، يدرك تماماً أنه ما تمسكت الأمة بالثوابت والأصول العقدية والمنهجية والأخلاقية لها إلا حققت آمالها، ولا انحرفت عنها إلا تصدع بنيانها، واهتز كيانها، وأصبحت فريسة في أيدي أعدائها يحتلون ديارها، ويعبثون بخيراتها ومقدراتها، ويمزقونها كل ممزق، حتى تصير أثراً بعد عين، وتمر القرون وتمضي الأعوام والسنون على هذه الأمة وترسو سفينتها على شاطئ عالمنا المعاصر بما فيه من أخطار وتحديات ودسائس ومؤامرات وتصيب الأمة ألوانٌ من المحن، وصنوفٌ من الفتن ضعف ومهانة فرقة وخلاف تفرقٌ في الكلمة تبعثرٌ في الجهود اختلال في الصفوف تسلطٌ من الأعداء غزوٌ فكري وعقائدي وثقافي وأخلاقي، وصدق الله سبحانه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:١٦٥].

وهذا يدعو كل مسلم يمثل لبنة من لبنات المجتمع الإسلامي أن يعيد النظر في حاله، ويحاسب نفسه، ويعلم أن الطريق إلى إصلاح حال الأمة هو البداية بإصلاح النفوس، وتقويمها على ضوء الكتاب والسنة، ومنهج سلف هذه الأمة.

ومن هنا يأتي دور القادة والولاة، والعلماء، والدعاة، والمفكرين، ورجال التربية والتعليم والإعلام، وحملة الأقلام، ليؤدوا رسالتهم العظيمة، في نشر الإسلام الحق، وتربية الأجيال عليه، ويقفوا سداً منيعاً في وجه كل من أراد النيل منه والإساءة إليه.