للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تبدلوا نعمة الله كفراً

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين وقدوةً للخلائق أجمعين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، وتوبوا إليه واشكروه على سوابغ نعمه وآلائه، ومن شكره: المداومة على طاعته وعبادته.

عباد الله: إن مقابلة نعمة التوفيق لإكمال شهر الصيام بارتكاب المعاصي بعد خروجه، يعتبر من تبديل نعمة الله كفراً، فمن عزم على معاودة المعاصي بعد رمضان، فيخشى أن يرد عليه صيامه، إن هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير الآجال ومواقيت الأعمال، ثم تنقضي سريعاً وتمضي جميعاً، والذي أوجدها باقٍ لا يزول، ودائمٌ لا يحول، هو في جميع الأوقات إله واحد، ولأعمال عباده رقيبٌ ومشاهد، فاتقوه وداوموا على طاعته واجتناب معصيته، فإن كل وقتٍ يخليه العبد من طاعة الله فقد خسره، وكل ساعةٍ يغفل فيها عن ذكر ربه تكون عليه يوم القيامة حسرةً وندامة، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:٤٦].

أيها المسلمون: إن فضل الله عليكم متواصل، ومواسم المغفرة لا تزال متتالية لمن وفقه الله لاغتنامها، فإنه لما انقضى شهر رمضان المبارك دخلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، فكما أن من صام رمضان وقامه، غفر له ما تقدم من ذنبه، فكذلك من حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

فما يمضي من عمر المؤمن ساعةٌ من الساعات، إلا ولله فيها عليه وظيفةٌ من وظائف الطاعات، فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف، ويتقرب بها إلى مولاه، فاشكروا الله على هذه النعم، واغتنموها بطاعة الله، ولا تضيعوها بالغفلة والإعراض.

واعلموا -رحمكم الله- أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وارضَ اللهم عنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، على اختلاف مللهم يا رب العالمين، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم وفق المسلمين لما تحب وترضاه، اللهم جنبهم الفواحش والفتن، ما ظهر منها وما بطن.

اللهم وفق إمامنا لهداك، اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضاه، اللهم ارزقه السداد والرشاد، والبطانة الصالحة التي تذكره إذا نسي، وتعينه على نوائب الحق يا رب العالمين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأصلح قادتهم وأمراءهم، وعلماءهم وشبابهم ونساءهم يا رب العالمين.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، والمستضعفين في أرضك، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم يا رب العالمين، قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.