للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعوة إلى الله عز وجل بالأشياء المباحة]

السؤال

هل من المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة الناس بالمسرحيات الإسلامية والأناشيد الإسلامية والرياضة؟

الجواب

لا ريب أنه ينبغي على المسلمين أن يهتموا كثيراً في شأن الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة لرسوله عليه الصلاة والسلام في كل أمرٍ من أمورهم، والحقيقة أن هذا الموضوع موضوع خطير، وموضوعٌ مهم، وموضوعٌ لا يستغني عنه مسلمٌ أبداً، لأنه يعايش الإنسان في كل دقيقة من دقائقه، وفي كل كلمة يقولها، وفي كل عملٍ يعمله، بل في كل خطوة يخطوها، ولهذا يقول بعض السلف: "طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لله عز وجل"، أي: ما أكثر الخطوات في سبيل الشيطان، وما أكثر الخطوات التي يُظَن أنها لله وهي لغيره.

عافانا الله وإياكم!

ويقول بعضهم: لا يزال الرجل بخيرٍ إذا قال؛ قال لله، وإذا عمل؛ عمل لله؛ ولهذا كان السلف رضي الله عنهم ورحمهم شديدي المحاسبة لنفوسهم في هذين الأمرين الخطيرين؛ ولهذا يعاتب كل واحدٍ منهم نفسه: "يا نفس أخلصي وتخلصي".

فينبغي علينا جميعاً ونحن نعمل الأعمال الطيبة ونعمل الأعمال الخيرة أن نخلص فيها لله عز وجل.

ما أكثر الناس اليوم الذين يعملون الخير، ويطلبون العلم، ويدعون إلى الله، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويأمون بيوت الله، ويقدمون للمسلمين خيراً؛ لكن العبرة -والله- بالإخلاص وحسن العمل، فينبغي إذا استطاع المسلم ألا تخرج أموره عن سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان حسناً، ولا سيما في شأن العلم والعمل والدعوة إلى الله عز وجل، وعلى الدعاة إلى الله أن يأخذوا من منهج محمد بن عبد الله عليهم الصلاة والسلام الطريق الأمثل في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

لكن هناك أمور هي من الوسائل المباحة التي إن أخلص العباد فيها أعمالهم لله عز وجل أثيبوا عليها، فلم يأت في هذا الدين منعٌ منها، ولا تحذير، فهي أمورٌ مباحة إن استخدمت في الخير كانت وسيلة للدعوة إلى الله، وإن استخدمت في الشر كانت وسيلة لإبعاد الناس عن هذا الدين، وإبعاد الشباب وغيرهم عن منهج الإسلام.

فالرياضة إذا كان يقصد منها تقوية البدن، والترويح عن النفس في إطارٍ إسلامي ومحافظة فلا مانع منها، أما إذا كانت وسيلة لغير ذلك من الأمور أو تكون مدعاة لترك الصلوات، أو كشف العورات، أو ضياع الأوقات، أو ما إلى ذلك فلا خير فيها.

كذلك العمل في الدعوة إلى الله عز وجل، عن طريق نشر الكتب الإسلامية والأشرطة الإسلامية، التي فيها تعليم للعلم وفيها خطبٌ ومحاضرات وندوات ودروس، بأقوال وجهود علماء موثوقين مشهورين، فهي من وسائل الدعوة إلى الله عز وجل ولا ريب، فعلى المسلمين أن يقفوا ما استطاعوا حيثما وقف عنده محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.

أما الأمور التي لم يأت في الدين تحريمها، فلا ينبغي التضييق فيها ولا كثرة الخلاف حولها، إلا إذا شغلت عن أمرٍ واجب أو كانت طريقاً إلى محرم، فينبغي البعد عنها واجتنابها.

نسأل الله عز وجل أن يوفقنا للزوم الكتاب والسنة في كل أمرٍ من أمورنا، في علمنا، وتعليمنا ودعوتنا وجهادنا وفي كل تحركاتنا وفي تصرفاتنا، فينبغي حتى في كل التحركات، حتى الأمور العادية ينبغي أن نخلص فيها لله، يقول بعض السلف: إني لأحسن قصدي في كل شيء، أو إني لأرجو أن يكون لي نية حسنة حتى في أكلي وشربي ونومي.

فهكذا ينبغي ألا يضيع الإنسان أي فرصة وأي خطوة ينبغي أن تكون لله، قبل أن تضع رجلاً على الأرض وترفع الأخرى يجب أن تنظر في خطواتك وحركاتك، ينبغي أن تضع هذا المؤشر وهو مؤشر الإخلاص أمام عينيك، لتعمل به، وكذلك سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ولو أن المسلمين وقفوا عند الكتاب والسنة في كل أمورهم، لكان في ذلك الخير لهم، وما جاءنا التساهل شيئاً فشيئاً عن هذا الدين إلا لما ابتعدنا عن هذا المنهج وأخذنا الوسائل التي جرتنا إلى المحرم، وكانت سبباً في إبعاد كثيرٍ من الشباب والناس عن المنهج السليم في الدعوة إلى الله عز وجل؛ ولكن على الداعية إلى الله، وعلى طالب العلم أن يبذل جهده ووسعه في تحقيق الدعوة ونشرها عن أي طريق، ففي كل أمرٍ من أموره المباحة، وأموره الشرعية، ينبغي أن يستغلها في الدعوة إلى الله وعليه ألا يستقل جهده، وأن يبذل الغالي والنفيس والرخيص وكل شيء في أمر الدعوة إلى الله تعالى ما لم يكن ثمَّ محرم ومخالفة لسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأمور التي ذكرها الأخ لا أرى أن فيها خلافاً للسنة، فالمتابعة إنما تكون في الأمور العبادية والأمور التوقيفية.

أما الأمور التي فيها سعة فأرجو ألا حرج فيها ما لم تكن طريقاً ووسيلة إلى أمرٍ غير محمودٍ شرعاً والله أعلم.