للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع الجهاد وأحكامه]

السؤال

هذان سؤالان في موضوع واحد، الأول منهما: هل الجهاد في أفغانستان بالنفس واجب علينا؟

الثاني: هل يصح أن يقوم المسلم بالصدقات على الفقراء ومساعدة إخوانه المجاهدين في أفغانستان بمالٍ قد استلفه من شخصٍ آخر، لأن ماله قد نفد ولأنه يقوم بصرفه على أهله وعلى الفقراء والمجاهدين، لذلك يقوم بالاستلاف، وحيث أنه يطمع بالخير، بأن يساعد إخوانه المجاهدين لحاجتهم الماسة للمال، وهو يستطيع أن يسدد هذا المال من راتبه أو من رزق الله، هل تقبل صدقاته ومساعداته؟

الجواب

أما الجهاد فلا ريب أنه ذروة سنام الإسلام وعلى المسلمين جميعاً أن يبذلوا في باب الجهاد في سبيل الله؛ ولكن ولله الحمد والمنة الجهاد بابه واسع، ونطاقه شاسع، الجهاد يشمل الجهاد بالنفس وبالمال وبالقول وباللسان وباليد وبالبيان وبالكلمة الطيبة، وبالخطبة المؤثرة، وبتعليم العلم، وبالدعوة إلى الله، وبتربية الأبناء، كل ذلك لون من ألوان الجهاد، ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله: إن الجهاد من حيث هو فرض عينٍ على كل مسلم.

أي: ينبغي أن يقدم كل مسلم لنفسه نوعاً من أنواع الجهاد، أن يجاهد نفسه أو يجاهد بالمال، أو باليد أو باللسان أو بالنفس، على حسب استطاعته، ونحن ولله الحمد والمنة تتاح لنا كل فرص الجهاد، لكن أين الذين يجاهدون اليوم بأموالهم؟! أين الذين يتبرعون لإخوانهم المجاهدين في أفغانستان وفي غيرها من بلاد المسلمين؟! هم ولله الحمد موجودون ولكنهم قلة.

وهذا لا ينافي الإقبال ولله الحمد والمنة، أين الذي يجاهدون الآن بالدعوة إلى الله عز وجل؟! لا يخافون في الله لومة لائم، يبينون العقيدة، ويبينون العبادة والأخلاق، ويدعون الناس إلى هذا الدين ويحذرونهم من المنكرات والمعاصي، لا يكلّون ولا يملون ولا يسأمون، بل مخلصون محتسبون صابرون، أين هم؟ أين الذين يتعلمون العلم لله؟ وهو جهاد في سبيل الله، ويبذلونه للمسلمين، أين الذين يقومون بتربية أبنائهم، وهذا لونٌ من ألوان الجهاد في سبيل الله، فإذاً علينا أن يقدم كل واحدٍ منا ما يستطيعه من ألوان الجهاد، أما الجهاد بالنفس في أفغانستان فالعلماء رحمهم الله إنما يذكرون أن الجهاد في سبيل الله إنما يكون فرض عينٍ في حالات منها: إذا استنفر إمام المسلمين المسلمين للجهاد في سبيل الله، فهنا يجب على المسلمين جميعاً أن يذهبوا إلى ساحة الجهاد والقتال.

الحال الثاني: إذا داهم العدو أرضاً من أراضي المسلمين فيجب على أصحاب هذه الأرض والبقعة أن يجاهدوا بأنفسهم، فالجهاد في سبيل الله في أفغانستان اليوم بالنفس سبقني إليه علماؤنا الأفاضل حفظهم الله ووفقنا وإياهم إلى أنه ليس فرض عين، وإنما هو فرض كفاية، ولكن الجهاد بالمال والجهاد بالدعوات الصادقة تكاد تكون فرض عين، بل هي فرض عين، وكل واحدٍ منا يقدم للجهاد في أفغانستان وفي غيره ما استطاع، لا سيما في هذا الزمن في هذه الأيام، بل في هذه الساعات، وهذه اللحظات، وصلتني تقارير وأخبار عن الوضع هناك، الوضع مأساوي جداً أعداء الإسلام من الملاحدة الشيوعيين الذين يريدون أن يستأصلوا عقيدة إخواننا، قد حشدوا جنودهم وبذلوا كافة إمكاناتهم للوقيعة بإخواننا، لا سيما وهذه الأيام تمر عليهم مناسبة مرور ثمانية أعوام، ودخول العام التاسع مما يجعل الأعداء يعدون لهذا اليوم عدته، ولكن ولله الحمد والمنة إخوانكم هناك صامدون صابرون محتسبون، لكن أين أنتم؟!

وهم كما أخذت منهم، ليسوا بحاجة إلى الجهاد بالنفس، هم بحاجة إلى دعواتكم الصادقة، ووالله إن لها أكبر الأثر في نصرتهم وتقدمهم، أن يشعر الإنسان بشعور إخوانه المسلمين في هذه الأيام، لا سيما وفصل الشتاء عندهم هذه اللحظات، خمسة عشرة درجة تحت الصفر، ويحتاجون إلى البطانيات ليلتحفوا، وكم أناسٍ أصبحوا قوالب ثلجية، وأخبرت بأخبارٍ من ثقات، أن بيوتاً بأكملها تموت أسرها متجمدة ليس عندها ما يسد عورتها أو ما يساهم في رد شدة البرد عنها.

أين الجهاد بالأموال؟! هم يريدون الآن ولو بطانيات، لكن ماذا قدم المسلمون؟

وبهذه المناسبة أدعو الجميع إلى مساعدة إخوانهم فإنهم بحاجة والله اليوم إلى أقل القليل، فلا يحقر كل واحد منكم ما يقدم ومن كان عنده رغبة في شراء بطانيات لإخوانه المسلمين فليجمعها في هذا المسجد، وليتصل الإخوة المسئولون في هذا المسجد بمكتب رابطة العالم الإسلامي في هذه المدينة والرقم موجود ليأخذوها وليحملوها ليسارعوا لإعطائها إخواننا هناك، خمسة عشر درجة تحت الصفر، نحن اليوم درجة الحرارة عشرين ومع هذا تجد كل واحد منا يلبس ما شاء الله من الثياب، فكيف بحال إخوانكم الذين هناك؟! لا يجدون ما يستر عوراتهم في فصل الشتاء البارد، ونحن نتقلب على البطانيات الوفيرة والفرش، حقيقة الحال يبكي، وهذا الاستطراد بسبب ما أثاره الأخ جزاه الله خيراً عن موضوع الجهاد، ولكن ينبغي الإخلاص، من يُنفق ينفق لله، لا ليقال منفق، وليس معنى هذا أن الإنسان يأتيه الشيطان فيقول: لا تنفق لأجل أن يراك الناس، فكما قلنا: ترك العمل لأجل الناس رياء، فاعمل الصالحات ولكن أخلص لله عز وجل، وأنفق يابن آدم يُنفق عليك؛ ولكن أنفق لله عز وجل.

حقيقة أنا أدعو إلى الوقوف يداً واحدة لا سيما هذه الأيام، الوضع خطير لا يسكت عليه، ولا يمكن أن يكون هناك إنسان يتحرك فيه شعور الإيمان، تتحرك فيه الغيرة ورابطة الأخوة في الله، ينام، يتذكر كل واحد منكم إذا وضع البطانية على وجهه وجسده.

نسأل الله عز وجل أن يقوم بنصرة إخواننا هناك إنه على كل شيء قدير.