للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر الإعراض عن أمر الله]

ولقد رتب الله على الطاعة السعادة والفلاح والفوز في الدارين {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧١] كما رتب على المعصية، من العقوبات الدنيوية والأخروية، ما لا يُعد ولا يحصى، ولا يحد ولا يستقصى، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:٣٦] ويقول عز من قائل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣].

أي: فليحذر وليخشى من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً أن تصيبهم فتنةٌ في قلوبهم، من كفرٍ أو فسقٍ أو نفاق أو بدعة، أو يصيبهم عذابٌ أليم في الدنيا وفي الآخرة، قال الإمام أحمد رحمه الله، في تفسير هذه الآية: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك"، لعله إذا رد بعض قوله، أن يقع في قلبه شيءٌ من الزيغ فيهلك.

وأعظم عقوبةً تصيب من خالف أمر الله وأمر رسوله، وأصر على المعاصي والمنكرات، أن يحال بينه وبين الإيمان الصحيح، وبينه وبين العقيدة السليمة، والطريق المستقيم، ويبتلى بزيغ القلب، وتلبيس الشيطان وأعوانه، فيرى سوء عمله حسناً وقبيحه صحيحاً، ولا يزال على ذلك مستمرئاً إياه، متعصباً له، مجادلاً فيه، مدافعاً عنه، حتى يموت عليه، ويبتلى بسوء الخاتمة -عياذاًَ بالله من شديد غضبه، وأليم عقابه- قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف:٥]، وقال: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:١١٠].

أما العقوبات المالية والبدنية لمن خالف شرعية الله، وسنة رسوله، وقد أخبر الله عنها في كتابه، مما جرى للأمم المكذبة لرسله، قال تعالى: {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت:٤٠].