للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسئولية الأمر بالمعروف عامة على كل مسلم]

أمة الإسلام: يا خير أمة أخرجت للناس! إن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس مقصوراً على أحدٍ بعينه من الأشخاص أو الهيئات، ولكنه واجب كل مسلم وكل على قدر استطاعته، وبحسب منزلته ومكانته، بيد أن على أهل الحل والعقد من الدعاة والعلماء، والوجهاء والمختصين ما ليس على غيرهم، فالأب مسئولٌ عن أسرته وأهله وأولاده، والمعلم في مجاله، والموظف في دائرته، والتاجر في سوقه، وهكذا كل على ثغرة من ثغور الإسلام: {وكلٌ راعٍ ومسئولٌ عن رعيته}.

بل المسلم الحق حيثما حل وقع أفاد ونفع؛ لأنه عضوٌ في جسد هذه الأمة، له مكانته وعليه واجباته، وهو مطالب بالتفاعل مع مجتمعه، والألم لألمه، والنشاط في محيطه، نشراً للخير والصلاح ودرءاً للشر والفساد.

فلنتق الله يا عباد الله! وليكن كل واحدٍ هنا هيئة بذاته للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولنتعاون في تحقيق هذا المبدأ العظيم، ولنكن يداً واحدة على من يريد خرق سفينة أمتنا بالشر والفساد، رائدنا في ذلك الإخلاص، والحكمة والشفقة، والرفق والأناة والرحمة؛ فتلك أبرز الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها من يتصدَّى لهذا الأمر العظيم، فهم دعاة خيرٍ ورحمة، وحرصٍ وشفقة، وغيرة على دين الله القويم، وخوفٍ على إخوانهم المسلمين، ومن كان بهذا المثابة، فأولى أن يساند ويعاضد، ويشجع، ويآزر ويكرم مادياً ومعنوياً.

يا خير أمةٍ أخرجت للناس: إنه إذا أفلت زمام هذا الأمر وطوي بساطه، وقّلَّ أنصاره وأخفقت رايته، وأهمل علمه وعمله، فشت الضلالة، وشاعت الجهالة، وفسدت البلاد، وهلك العباد، وإن الناظر فيما أصاب المجتمعات المعاصرة من تفاقم المحرمات، وانتشار المنكرات، مما تعجز عن وصفه الكلمات، ويترجم عنه الحال في كثيرٍ من الجوانب العقدية والشرعية؛ والأخلاقية والفكرية، مما ذهبت معه الغيرة، وهتكت من أجله الأعراض، وانتشرت الأفكار الهدَّامة، والمبادئ المنحرفة، وتطاول فيه الفساق من الرجال والشباب والنساء، ليتساءل: أين الغيرة الإسلامية؟! وأين الحمية الدينية؟! بل أين النزعة الإنسانية، والشهامة العربية، والرجولة الأصلية؟! هل نزعت من القلوب، واضمحلت من النفوس؟!