للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة الإيمان النافع]

إخوة العقيدة والإيمان! إن الإيمان عقيدةٌ راسخةٌ في القلب، تنتج قولاً سديداً، وعملاً صالحاً، فهو قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالجنان، وعملٌ بالجوارح والأركان، فليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولا بالادعاء والتسمي، ولكن ما وقر في القلب ورسخ فيه، وصدقته الأعمال بفعل الطاعات واجتناب المعاصي، إنه التصديق بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:٢٨٥] وقال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} [النساء:١٣٦].

وأخرج الإمام مسلم عن عمر رضي الله عنه حديث جبريل عليه السلام، حينما جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في صورة رجل يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، والساعة وأماراتها، قال له: {أخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره}.

أيها المسلمون! إن الإيمان الصادق المنبعث من القلب يدعو إلى كل خير، ويُحذِّر من كل شر، يدعو إلى عمل الطاعات واجتناب المنكرات، يدعو إلى حب الله ورسوله، والإخلاص في توحيد الله، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، يدعو إلى لزوم صراط الله المستقيم، وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، ونبذ البدع والمحدثات التي استحسنها من لا خلاق لهم.

والإيمان الصادق يدعو إلى إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله، والجهاد في سبيل الله، يدعو إلى الجد والمثابرة والمصابرة، وحبس النفس على ما تكره من طاعة الله، ومنعها عما تحب من معصية الله، ولو كان الإيمان ألفاظاً تردد بالألسنة، بدون وعيٍ لها وصدقٍ فيها، إذاً لادعى كل أحدٍ الإيمان، ولكان المنافقون -الذين هم في الدرك الأسفل من النار- مؤمنين، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة:٨] وقال: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:١٤].