للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل أهل القرآن وحملته]

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً، أحمده وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعد:

عباد الله: فاتقوا الله واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

عباد الله: إن الرفعة والكرامة والعزة والسيادة، في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة إنما هي لحملة كتاب الله، العاملين به، وهذا ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

أخرج الإمام مسلم رحمه الله عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين} وأخرج البخاري عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار} متفقٌ عليه.

وقد جاء في السنة المطهرة ما لحملة كتاب الله من الأجر والمكانة في الآخرة والأولى، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه} رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاقٌ له أجران} متفقٌ عليه.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف} رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها} رواه أبو داود والترمذي وقال: حسنٌ صحيح.

فيا له -أيها المسلمون- من فضلٍ عظيمٍ وثوابٍ كبيرٍ لا يغفل عنه إلا غافل، تلك والله هي الغبطة، فليست الغبطة والسعادة بحطام الدنيا الزائل، ولا بالمفاخرة بالمركوب والملبوس، والمطعوم والمسكون.

عباد الله: اتقوا الله، وخذوا بكتاب ربكم وإلى القرآن يا أمة الإسلام! خذوا منه منهاجاً لحياتكم في جميع شئونكم، وبهذا تستردون ماضيكم التليد، وقدسكم الفقيد، وما ذلك على الله بعزيز: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:٣٨].

وصلوا وسلموا على نبي الرحمة كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد بن عبد الله أزكى البرية وعلى آله وصحبه، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم إلى يوم الدين، وارض عنا معهم برحتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم دمر أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين والمفسدين يا رب العالمين! اللهم قنا شرورهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم، اللهم أنزل عليهم بأسك -عاجلاً غير آجل- الذي لا يرد عن القوم المجرمين.

اللهم آمنّا في أوطاننا، واستعمل علينا خيارنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع هداك يا رب العالمين، اللهم وفق المسلمين والمسلمات، اللهم وفقهم واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

اللهم وفق إمامنا واحفظه بحفظك، وأيده بتأييدك، وارزقه البطانة الصالحة يا رب العالمين! اللهم دله على الخير، وأبعده عن الشر يا أرحم الرحمين.

الله آمنا في أوطاننا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً، وسائر بلاد المسلمين، اللهم ردنا إلى كتابك رداً جميلاً، اللهم رد الأمة الإسلامية إلى كتابك رداً حسناً يا رب العالمين.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، واذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.