للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُدسية الحرمين الشريفين

حجاج بيت الله الحرام! إن واجب المسلمين أن يرعوا قدسية الحرمين الشريفين، فلا يجوز أبداً أن تحول البقاع الآمنة إلى أماكن تجمعات ومظاهرات، وتنظيم تحركات ومسيرات، ورفع لافتات وشعارات وصورٍ ومجسمات، لزعامات وكيانات، ويأبى الله ثم يأبى المؤمنون أن تجرح قدسية البيت الحرام، والشهر الحرام، بالتهريج السياسي والشغب الغوغاء، ولا يرضى الله ولا عباد الله أن يدخل على الدين الحق ما ليس منه؛ من المهاترات الكلامية، والمزايدات السياسية، والشعارات الجاهلية، فأي دينٍ عند هؤلاء، بل أي إسلامٍ عند من يساعد على تعكير أمن بلاد الحرمين الشريفين، بجلب أسلحةٍ ومتفجرات، أو ترويج مسكراتٍ ومخدرات، أو ما إلى ذلك من الجرائم المنكرة، وشتان شتان بين عمل أهل الإيمان والإسلام، وعمل أهل التخريب والإجرام، وإن بدعة المسيرات بدعةٌ منكرة لا سند لها من المعقول والمنقول، وليست أقل سوآت القوم، مما كشفه التاريخ في قديم الزمان وحديثه، والله دون حرمه ودون كل من أراد الإلحاد فيه أو الظلم، فهو سبحانه سيكشف سترهم، ويفضح سرهم: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر:٤٣].

وإن جموع الحجيج الذين يجدون في هذه الأيام فرصةً عظيمة، ومناسبةً كبيرة، لغسل القلوب مما علق بها من أدران الذنوب والمعاصي ليتطلعون إلى كل ما من شأنه شيوع الأمن وعموم السلامة لهم، في أديانهم وأبدانهم مما تشرف بلاد الحرمين حكومةً وشعباً بتحقيقه ولله الفضل والمنة.

وإن واجبات الحكومات الإسلامية أن تتعاون في ذلك، وأن تقوم بتوعية حجاجها، بما يجب عليهم معرفته من حرمة الزمان والمكان، وكيفية العمل بالشعائر والمشاعر على الوجه الشرعي والسنن النبوي.

كما أن واجب المطوفين والمسئولين عن حملات الحج والعمرة عظيم، ومسئوليتهم كبيرة، تجاه من اؤتمنوا عليه، من رعاية الحجيج، وليعلموا أنها أمانةٌ وديانه قبل أن تكون تجارة، وتحية تقدير وإجلال، لكل من يعملون في خدمة الحجيج؛ فإن خدمة الحجيج شرفٌ أيما شرف، جعله الله في موازينهم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:١٩٧].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.