للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بشائر المستقبل الإسلامي]

أمة الإسلام! إن من البشائر أن الحضارة المعاصرة تعلن إفلاسها، وتلفظ أنفاسها، وذلك لأنها فرطت في أعظم مقومات البقاء، أهدرت القيم الإنسانية، وجعلت من الإنسان آلة موارة، ورحىً دوارة، خاليةً من معاني الروح ومعاني القيم.

إنه لا عز لهذه الأمة، ولا حضارة إلا بالإسلام، هزمت معسكرات الوثنية، ودكت معاقل الجاهلية، وحطم القياصرة، وكسر الأكاسرة، وهزم التتار والصليبيون برفع شعار " الله أكبر" وانتصر المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده بإعلاء راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأصبحت الأمة قوية مرهوبة بجانب الإسلام ليس إلا، وستنصر هذه الأمة المعاصرة بالإسلام بإذن الله، لأنه دين الفطرة {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم:٣٠]، ومع ذلك كله لا بد أن يقدم المسلمون لدينهم، ويصلحوا أنفسهم، ويعالجوا عيوبهم من الداخل، ويسدوا كل ثغرة يريدون أن ينفذ العدو منها، وأن يتحدوا على المصدرين العظيمين، وينبذوا كل الاتجاهات والمذاهب، وجميع الأحزاب والمشارب التي تخالف تعاليمه، وأن يؤصلوا في أنفسهم وأجيالهم العلم الشرعي النافع، والتربية الإسلامية.

إخوة العقيدة! إن المسلم يتفاءل كثيراً بأن المستقبل لدين الله كما قال سبحانه وتعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧]، وكما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وبشر: {ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار}، وتلك ليست أحلاماً وأوهاماً، وإنما هي وعود حق، وأخبار صدق، غير أن الواجب على الأمة الإسلامية أن يكون لها مزيد اهتمام، وبذل جهود أكبر في خدمة الدعوة الإسلامية.

إننا لنتوجه إلى قادة المسلمين بتذكيرهم بالواجب الأكبر في إعزاز دين الله، وتحكيم شريعة الله، ونصرة أولياء الله، وعلى المسلمين جميعاً أن يبذلوا لدينهم؛ لأن الناس متعطشون لغذاء الروح بعد أن ملوا التفنن بالماديات لا سيما في عالم الغرب، وإن على العلماء والدعاة إلى الله وأهل الخير والإصلاح من أهل الكفاءة العلمية والآداب المرعية أن يسهموا في زيارات الدعوة والتوجيه لما لها من الأثر البالغ تصحيحاً في المناهج، وتقوية للأواصر، وتشجيعاً للمسلمين في كل مكان، وتحسيساً لهم بمكانتهم، ودور بلاد الإسلام التي يشعرون أنها تهتم بهم وترعى شئونهم وتشاطرهم آلامهم وآمالهم.

وبالتالي سد الباب أمام كل من يريد الاصطياد في الماء العكر من أصحاب الاتجاهات المنحرفة والمسالك المشبوهة، كما أن الدعوة متجددة وبإلحاح شديد في عصرنا الحاضر بالعمل على إيجاد قنوات إعلامية إسلامية تبث الدعوة إلى الله، ومحاسن الدين القويم بلغات شتى؛ لأن الإعلام اليوم في العالم كله يلعب دوراً كبيراً في التأثير على جميع الفئات مما يتطلب من المعنيين بشئون المسلمين لا سيما أهل الثراء واليسار ورجال الأعمال من أهل الاقتدار أن يسهموا بسد هذه الثغرة أداءً للواجب عليهم تجاه دينهم، وأمتنا بحمد الله أمةٌ معطاء ثريةٌ بطاقاتها، زاخرةٌ بكفاءاتها وقدراتها في شتى التخصصات ممن هم مؤهلون للعمل إقراراً للعيون، وتسليةً للمحزون بقنواتٍ إعلاميةٍ إسلاميةٍ تواكب تطورات العصر، وتحمل رسالة الإسلام الحق.

بعد أن عملت القنوات الفضائية المسفة أبشع أعمالها بوأد الفضيلة، ورفع راية الرذيلة غثاءً وهراءً، عفناً وانحلالاً، مما تبكي له الفضيلة، وتئن من لأوائه الأخلاق والقيم، ومما يزيد القلب أسىً وحرقةً أنها قد تعود في معظمها إلى ملاك من بني جلدتنا، ويتكلمون بلغتنا، فأين حمية القوم الدينية، وشهامتهم العربية، وغيرتهم الإسلامية؟ نعوذ بالله من الردى بعد الهدى.

وللحوادث سلوان يهوِّنها وما لما حلَّ بالإسلام سلوان

ألا نفوسٌ أبِيَّاتٌ لها هممٌ أما على الخير أنصارٌ وأعوان

لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلب إسلامٌ وإيمان

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩].

سدد الله خُطا العاملين لنصرة دينهم، وبارك في جهود الغيورين على أمتهم وبلادهم، وجعل الأعمال خالصةً لوجهه الكريم، إنه خير مسئولٍ وأكرم مأمول.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، فيا لفوز التائبين! ويا لبشرى المستغفرين!