للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حرمة القول على الله بغير علم]

إخوة الإسلام: كم ترتعد الفرائص، وتوجل القلوب وترى قسمات الاستنكار إذا حُذِّر المسلمون من الشرك والقتل والربا والزنا ونحوها من كبائر الذنوب! لكنها معان تتهلل لها سبحات الوجوه إذ هي ذنوب توعد الله عليها وعيداً شديداً في الدنيا والآخرة، لما لها من الآثار الخطيرة في تقويض حياة الأمة، وإيرادها موارد العطب والهلاك، ولا غرو فالمعاصي وسائل هدم وتدمير لكنها أنواع ودركات.

إذا كان الأمر كذلك -يا عباد الله- فهل تعلمون ما هو أخطر من ذلك كله؟ بل ما هو أصل للشرك والكفران، وأساس للبدع والعصيان، وما هو أغلظ وأنكى منها، ومن جميع الفواحش والآثام، والجرائم والبغي والعدوان؟ إنه أصل الجرائم على الإطلاق، وأساسها باتفاق، ذلكم هو: القول على الله بغير علم.

يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:٣٣] انظروا -يا رعاكم الله- كيف قرن الله سبحانه القول عليه بلا علم بالشرك به، والبغي والإثم والفواحش.

بل لقد جاءت هذه المحرمات الأربع في كل الشرائع مرتبة على حسب مراتب الشدة فيها، على سبيل الترقي، فأهونها أولها، وأخطرها آخرها، ولا عجب فما الشرك بالله إلا ضرب من القول على الله بغير علم.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:٣٣] أي من الافتراء والكذب من دعوى أن له ولداً ونحو ذلك مما لا علم لكم به.