للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نبتة الشر المسكرات والمخدرات]

إخوة الإيمان! ولما فشل الأعداء في السيطرة العسكرية على بلاد الإسلام، عملوا جاهدين بالحروب الأخلاقية، وشنها على بلاد المسلمين، وكان من أخطر وسائلهم، وأشرس تحدياتهم، قيامهم بشن حرب المسكرات والمخدرات وتصديرها لبلاد المسلمين، لتدمير شبابهم، وقتل رجولتهم، واغتيال طموحاتهم، حتى تتم السيطرة عليهم، فكان لابد من التصدي لهذا الخطر العظيم، والشر الفادح الجسيم، بالتذكير والتوجيه، حتى تسلم الأمة من شرور هذه الآفات الخبيثة والأدواء الخطيرة.

إخوة الإسلام! لما كانت المسكرات والمخدرات تقضي على العقل، بل تقضي على الفرد في أعز ما يملك وهو عقله، وبالتالي تقضي على دينه وصحته وسلوكه، وتقضي على المجتمعات بالإخلال بأمنها، وجلب الفساد والفوضى إليها، وتدهور اقتصادها، وإعاقة تنميتها، وتفكك أسرها، وتفاقم الجرائم فيها، وانتشار العنف والإرهاب بين أبنائها، فهم بين سِكِّير عربيد، وثملٍ مجرمٍ عنيف عنيد، لا يعرف لله حقاً، ولا لمجتمعه وزناً، ولا للفضائل والقيم طريقاً.

لذلك كله ولما للمسكرات والمخدرات من سيئات كثيرة، وأضرار خطيرة، وشرور مستطيرة على الأفراد والمجتمعات، على الدين والصحة والعقل والمال والسلوك، جاء تحريمها في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:٩٠].

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: {نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر}.

فهي -يا عباد الله- أم الخبائث، ورأس الشرور، وكبيرة من كبائر الذنوب، متعاطيها معرض نفسه لوعيد الله ولعنته وغضبه، المدمن مفسدٌ لدينه وبدنه، جانٍ على نفسه وأسرته ومجتمعه، عابثٌ بكرامته وجوهر إنسانيته، ساعٍ إلى الإثم والعدوان، صائلٌ متمردٌ على الأخلاق والقيم، وهو عضو مسمومٌ في المجتمع، إذا استفحل أمره وتطاير شرره، أصابه بالخراب والدمار، ومتى غاب عقل المدمن؟ نسي ربه، فترك الصلاة! وقد يقتل! وقد يزني! ويقع على محارمه -والعياذ بالله- بل قد يسب الدين! وكم أحدثت من بغضاء! وكم زرعت من عداوة! وكم فرَّقت من اجتماع! وكم ضيعت من أمة! وكم أهاجت من حروب! وكم شتتت من أسر! وكم فرقت بين رجلٍ وزوجته! وأبٍ وبنيه! ومحبٍ ومحبيه!

وجماع القول: المسكرات والمخدرات داء المجتمعات، وسرطان الأمم، فأمرٌ هذه آثاره الخطيرة، وهذا جزاء متعاطيه عند الله، وتلك حاله في الدنيا والآخرة، كيف تطيب نفس عاقلٍ فضلاً عن مسلم بتناوله؟! بل بوجوده في مجتمعات المسلمين؟!

إنه لعجيب! حال من يسمع هذه الآثار، ويعلم أحوال من يتعاطى المسكرات والمخدرات، وما يقعون فيه من القبائح التي هي مسخ للدين والعقل والصحة، وما صار إلى أهله من أخس حالة، وأقذر صفة، وأفظع مصاب لا يتأهلون لخطاب، ولا يميلون إلى صواب، ولا يهتدون إلا إلى خوارم المروءات، وهوادم الكمالات، وفواحش الخطيئات والضلالات.

ثم مع هذه العظائم وتلك القواصم! يُصر بعض الجهلة على أن يندرج في زمرتهم الخاسرة، وفرقتهم الحائرة، متعامياً عما على وجوههم من الغبرة، وما يعتريها من القترة، ولكن يا سبحان الله! كيف يسعى في جنونٍ من عقل؟! نعوذ بالله من زيغ القلوب.