للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مبشرات النصر للحضارة الإسلامية]

وبعد سنوات من الصراع بين الحضارة الإسلامية والحضارة المادية، أيقن الناس بعدها بإفلاس حضارة المادة، وتعرت الشعارات الزائفة، وأفلست النظريات الجوفاء، وشعر العالم -لا سيما المنصفون- بالحاجة إلى دين حق، والضرورة إلى عقيدة صدق؛ تهذب النفوس وتزكي الضمائر وتقبض الأخلاق والسلوك، ونمت ولله الحمد والمنة توجهات إسلامية عالمية ستعيد بإذن الله للأمة مجدها المفقود، وعزها المنشود، وأملها المعقود، فانتشرت المراكز الإسلامية، وكثرت الصروح العلمية والحضارية التي تعد معاقل خير وهداية، وصروح إشعاع وإصلاح، وجسوراً للتواصل بين حضارة الإسلام، وبين البلاد الأوروبية وغيرها، وانتشرت بيوت الله في أرض الله بعمارة الموفقين من أرض الله في عقر أهل الحضارة المادية.

ومع هذه البشائر فإن هناك من يريد إسدال الستار على عقول أبناء هذه الأمة؛ لتتمكن خفافيش أدعياء الحضارة من التسلل في ليل حالك؛ لترتفع ألسنة لهيب المفتونين لحماية هذا العفن والدفاع عنه والدعوة إليه، بدعاوى مزركشة، وأقوال مزخرفة، وألبسة فاتنة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، يركبون مطايا من الموضات، ويتزينون بأشكال من التقليعات، في شماتة خلقية وسذاجة فكرية، فكان لابد من كشف الستور، وإخراج المغمور، وإماطة اللثام، والعمل على إشعاع النور في الظلام، تنويراً للخلائق، وإيضاحاً للحقائق {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:٣٢].