للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منزلة الصلاة من العبادة]

ثم من أعظم العبادات -بل أعظمها بعد تحقيق العقيدة والشهادتين- هو: هذه الصلاة المفروضة، التي هي الفاصل بين الكفر والإيمان، كما في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: {بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة}.

وفي حديث بريدة المعروف عند أهل السنن والإمام أحمد وغيرهم: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر}.

فواجب العباد -جميعاً- أن يُعنوا بهذه الفريضة، وأن يقيموها في بيوت الله مع جماعة المسلمين، وأن يراعوا فيها خشوعها، وواجباتها، وأركانها، وسننها وما إلى ذلك.

كذلك ينبغي عليهم أن يُعنوا بأمر أبنائهم، وأمر أسرهم بالقيام بها، وتشجيعهم عليها، ومعاقبتهم عليها، على حسب ما يقتضيه المقام، إن ما يجب على المسلمين أن يعتنوا بهذه الفريضة العظيمة، بل في عبادة الله عزَّ وجلَّ كلها.

كذلك في كل أمر من الأمور ينبغي على المسلمين أن يقوموا بواجب العبودية لله سبحانه وتعالى، وقد عرفتم سعة مفهومها ومعناها، وأنه يدخل فيها كل قول وفعل يحبه الله ويرضاه، ظاهراً كان العمل أو باطناً، وعرفنا -جميعاً- ما كان عليه قدوتنا وإمامنا رسولنا عليه الصلاة والسلام، فقد كان القدوة في القيام بعبادة الله عزَّ وجلَّ، وقد أمره الله عزَّ وجلَّ بالقيام بهذه العبادة، ولم يجعل بينه وبينها أجلاً إلا الموت، قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩]، وقال سبحانه: {فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة:١٣٢].

فالمسلم في عبادةٍ لله عزَّ وجلَّ في كل عمره، وفي كل أوقاته وأحواله وتصرفاته، وعلى المسلم ألا تعزب عنه عبادةُ الله طرفة عين، أو تغيب عنه ساعة، بل ثانية من ليل أو نهار، وعليه أن يخلص لله عزَّ وجلَّ، حتى في عاداته؛ فإنه يثاب عليها.