للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عاقبة التقصير في حق الله]

إن أعداء الملة والسنة لما وجدوا في بعض المسلمين استنكافاً عن الشهوات، واستعظاماً للوقوع في ظاهر المحرمات؛ جاءوهم من طريق الزيادات والشبهات والمستحسنات والمحدثات، فساروا في هذه السبل، كأن لم يكن بين أيديهم كتاب ولا سنة، وكأن قلوبهم لم تُعمر بجوهر العقيدة، وصفاء الاتباع.

يا أمة الإسلام: إن رسالة المسلمين في الحياة أعم من أن تُحَدَّ بأيام ومناسبات، وتُخَصَّ بليال وذكريات، بل هي رسالة من لا يستكثر على الله عمله، ولا يمن عليه إسلامه.

إن ما حققه المسلمون الأوائل من نصر وفتوحات وأمجاد، إنما مرده بعد توفيق الله إلى قيامهم بحق الله تعالى عليهم، ومن قام بحق الله تعالى؛ أنجز الله له ما تفضل به من حق في الدنيا والآخرة.

واليوم لما قصر كثير من المسلمين في حق ربهم عليهم، وفرطوا في ذلك تفريطاً جلياً، ولعبت بهم الأهواء، وكثر بينهم دعاة جهنم عياذاً بالله، أصبحوا في حالة لا يُحسدون عليها.

فما راء كَمَنْ سَمِعَا

وقد وصل الحال ببعض المنتسبين إلى الإسلام أن يغرقوا في الملذات والشهوات، حتى لكأن حق الله عليهم في هذه الحياة يكمن في التنافس في الشهوات، والتسابق في الملذات، يعيشون حياة الأنعام، يقصدون إلى تحقيق رغباتهم، مأكلاً ومنكحاً ومشرباً، ملبساً ومسكناً ومركباً.

فأمة هذا شأنُها قد هيأت السبيل لأعدائها لإحكام قبضتهم عليها، فتندم ولات ساعة مندم.

وإذا كان العالم شرقيه وغربيه يجعل لحظوظ الدنيا ومتطلباتها حقوقاً يدافع عنها، ويبث حولها الدعايات والإعلانات، ويمد ذلك بالهالات الإعلامية، فالمسلمون أولى أن يقوموا بحق الله عليهم، وحق الله أولى بالوفاء والأداء والقضاء، فيهبوا حياتهم كلها لأداء حق الله تعالى عليهم، ففي ذلك عزهم وسعادتهم، وصلاح أحوالهم في المعاش والمعاد.

نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لأداء حقه علينا، وأن يُجزل لنا ما تفضل به علينا، ووعدنا من حق، وأن يصلح أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إنه جواد كريم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه يغفر لكم، وتوبوا إليه يتب عليكم، إنه كان حليماً غفوراً تواباً رحيماً.