للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة الاسترسال مع الوهم]

السؤال

كثير من الناس يصاب بالسحر أو يتوهم أنه مصاب بالسحر، فتضيق عليه الأرض، وكذا على أهله، فيضطر هو وأهله إلى الذهاب إلى السحرة والكهنة ليحلوا ذلك السحر، وإذا قيل لهم: إن هذا كفر أو شرك قالوا: إذا رجعنا تبنا إلى الله عز وجل.

وما الطريقة المثلى، أو الطريقة الشرعية لحل السحر؟

الجواب

هذا السؤال مهم، وينبغي أن يعلم أنه كما أخبر الله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن:٦].

فالسبب هو ضعف الإيمان، وضعف الإيمان يؤدي بالإنسان -أحياناً- إلى الوهم، فلو أن إنساناً أصيب -مثلاً- في ليلة أو ليلتين بالأرق وقيل له: أصابتك عين أو أصابك سحر فصدق وتوهم فلا يمكن أن يبيت، ولا يمكن أن ينام، بل يصبح هاجسه ليلاً ونهاراً هذا المرض، بينما الرجل ليس فيه مرض، لكن لما قيل له: إنه مريض وصدق بهذا أدى به إلى هذا.

ولهذا تجد كثيراً من الأمراض هي أمراض في بداياتها سهلة عادية، لكن تتعقد بالوهم، وهذا معروف حتى في المرض العضوي، فالإنسان إذا أصيب بألم في بطنه أو بجرح معين أو بشيء من ذلك فإذا أعطاه قدره المناسب وتشجع وصار يأكل ويأخذ الأسباب ونفسيته طيبة فإن ذلك يعجل الشفاء، لكن إذا قيل له: هذا مرض خطير بدأ الوهم عنده.

وتعلم أن الوهم يهد الإنسان خلال ساعات، بل خلال وقت قصير، فإذا هد هذا المريض، وصار لا يأكل، وصار مهموماً، وصار مغموماً مرض واشتد مرضه، وضاق صدره، بل إنك تجد أحياناً بعض الناس وهو في أشد حالات المرض في المستشفى؛ لأنه واهم وخائف، فإذا جاءه الطبيب وقال: الحمد لله، طلعت التقارير سليمة وليس فيك شيء فكأنما نشط من عقال، وصار يحدث من حوله، وصار يبتسم ويشتهي ويأكل وتتحسن حالته، والعكس بالعكس.

فهذا أمر.

الأمر الثاني: أن من وقع عليه ابتلاء في مثل هذه الأمور مما ذكره السائل فيجب عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى، فإن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم، (ما من داء إلا وله دواء)، وليس هناك مرض إلا وله دواء إلا الموت، أما ما عدا ذلك فله دواء، وهذا الدواء شرعي.

وحينئذ فإنني أقول: إن من ابتلي بمثل هذا المرض فعليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وعليه أن يدرك أموراً: أولاً: لا يجوز له أن يذهب إلى هؤلاء السحرة، وخداعه لنفسه أنه يقول: إذا رجعنا نتوب هذا كلام خطير يخشى على صاحبه، وهو مثل ذلك الشخص الذي يقول: أقع في المعصية ثم أتوب، وإذا لم تتب؟! وإذا جاءك الأجل وأنت على المعصية ماذا ستقول لربك سبحانه وتعالى؟! وكذلك -أيضاً- نقول لهؤلاء: وأنتم راجعون لو وقع حادث سيارة ومتم قبل أن تتوبوا! فاتقوا الله سبحانه وتعالى.

الأمر الثاني: أنه يجب على هؤلاء أن يبحثوا عن الرقية الشرعية، ومثل السحر وغيره توجد له رقى شرعية، هذه الرقى تنفع بإذن الله مع الإخلاص والتعلق بالله سبحانه وتعالى، فإن الله سبحانه وتعالى يشفي صاحبها، وقد تكون إرادة الله أن يبتلى هذا الرجل وأن يستمر عليه البلاء زمناً، فلا ييأس الإنسان.

فينبغي أن ننتبه لهذه القضية، فلا يجوز الذهاب إلى هؤلاء، ولا يجوز علاج السحر بسحر مثله على القول الراجح، خاصة في هذه الأيام التي انتشر فيها هؤلاء السحرة.