للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المنهج العقلي الذي يصحح كل المفاهيم والمناهج]

المسألة الثالثة في هذه المقدمة: أنه قد نبغت نابغة من قديم الزمان وهي موجودة إلى الآن جعلوا لهم منهجاً عقلياً، وهذا المنهج العقلي يسمى قديماً بالسوفسطائية، ويلتزمه كثير من أرباب الفلسفات المعاصرة، وقد ينتحله كثير من أرباب الحداثة وغيرهم، وهؤلاء هم الذين يقولون: ليس هناك حق ثابت في نفس الأمر، بل كل من اعتقد عقيدة، وكل من قال قولاً، فإن قوله يحتمل أن يكون حقاً، بل يجب أن يكون حقاً، وهؤلاء هم الذين يتنكرون لكل ثابت، ويقولون: إنه ليس هناك شيء ثابت في دين الله سبحانه وتعالى، فيناقشون في البدهيات، ويدعي الواحد منهم علم كل شيء، والحق عند هؤلاء مسألة نسبية وإضافية، وهو ما يراه كل شخص بعينه، وهذه القضية تجد كثيراً ممن يطرحها ويقول: لماذا نأتي ونقول: نرجع إلى مذهب السلف الصالح؟ ولماذا تريدون أن تعودوا بنا إلى ذلك العهد؟ الظروف تختلف، والأحوال تختلف، ومن ثم فإن الحقائق أيضاً تختلف، ولما كان الأمر كذلك فإنك تجد الواحد من هؤلاء يظن أن كل من انتحل نحلة أو اعتقد عقيدة فإنه يجوز أن تكون هذه النحلة وهذه العقيدة صحيحة، وهذا ما نشاهده لدى كثير من العلمانيين والحداثيين وغيرهم، يقول الواحد من هؤلاء: إن كل شيء تنتجه الأرض الإسلامية فهو إسلامي وهو حق، ويجب أن نصدقه، ويجب أن يكون منهجاً لنا في مستقبل حياتنا، ولو كان هذا الشيء كفراً وشركاً وإلحاداً وغير ذلك، وهذه قضية من القضايا التي يطرحونها دائماً وباستمرار، وينبغي أن يتنبه لها أهل العلم، وطلبة العلم، والدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، فقضية الرجوع إلى منهج السلف الصالح رحمهم الله تعالى هي مسألة دين وعقيدة، وليست مسألة اجتهاد، وكل مجتهد مصيب كما يزعم كثير من هؤلاء.