للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضوابط الحوار في مسائل العقيدة]

السؤال

نحن نعتقد أن المسائل الأصولية لا حوار ولا نقاش فيها، لكن بعض العلمانيين يقولون: لا بد من هذا الحوار، ويستدلون بالمناظرات والحوار الذي كان يجريه علماء السلف كـ ابن تيمية وغيره رحمهم الله تعالى، أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب

هناك أنواع من الحوار: النوع الأول: الحوار الذي يقع بين العلماء، وهذه قضية أظنها واضحة، وهي أن العلماء المجتهدين يجتمعون ويتحاورون، وينظرون في الأدلة، ثم إن اتفقوا على رأي فبها، وإلا صار لكل منهم رأيه المبني على الدليل، وقد وقع في التاريخ الإسلامي محاضرات ومساجلات علمية بين علماء الإسلام.

النوع الثاني من الحوار: الحوار لأهل الباطل للرد عليهم، بمعنى: أن يأتي هذا العالم والداعية ليحاور أولئك ليبين ضلالهم، وهذا هو الذي فعله شيخ الإسلام ابن تيمية، وفعله عبد العزيز المكي الكناني لما حاور المعتزلة، وهو الحوار الذي ينطلق فيه الداعية من منطلق أحقية ما يدعو إليه وبيان انحراف الطرف المخالف.

لكن هناك نوع من الحوار يدعو إليه أهل الباطل، وهذا الحوار يقصدون منه أن تتحول أمورنا ومسلماتنا إلى حوار، فمثلاً يأتي ليقول القائل من هؤلاء: لماذا لا نتحاور هل نعتمد الشريعة الإسلامية أو لا نعتمدها، وننظر؟! فهل الاعتماد على الشريعة الإسلامية وتطبيقها أمر يدخل في الحوار؟! هل الاعتماد على الكتاب والسنة في مسائل العقيدة يدخل في الحوار؟! هل الإقرار للملاحدة بأن يعلنوا إلحادهم ونلغي باب الردة في الفقه الإسلامي كله ونقول: من أراد أن يكون شيوعياً فليكن لأجل الحوار؟! لا، هذا لا يمكن، ومن ثم فإن هؤلاء الذين يدعون إلى الحوار ليس هو الحوار الشرعي الذي ذكرنا أنواعه، وإنما هو حوار يريدون منه أن يتحول الحوار إلى غاية، ما معنى أن يتحول الحوار إلى غاية؟ معناه: أن يكون هدفي وهدفك هو الحوار، إذاً لا تلزمني برأيك، ولا ألزمك برأيي، نطرح القضية، ونتحاور فيها، وكل يخرج مقتنعاً بما يريد، وهذا أمر خطير، معناه: أن كل إنسان يريد أن يطرح قضية فليطرحها ويقول: أنا أريد الحوار، ففرق بين هذا وذاك؛ لأن الحوار على مفهوم هؤلاء: أن تترك الحرية لجميع الآراء وللأفكار تناقش، بينما منهج السلف رحمهم الله تعالى أن الأمور المؤصلة المقطوع بها لا يمكن أن يدخل فيها حوار، بل يعاقب مخالفها، وهؤلاء يريدون أن ينقضوا هذه المسائل.