للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فهم العلمانيين لنصوص الكتاب والسنة]

السؤال

فضيلة الشيخ! أشرت إلى أن العلمانيين يريدون الرجوع إلى الكتاب والسنة، ولكن بفهمهم لا بفهم غيرهم من السلف، فهل يصدقون في ذلك؟ ثم هل يمكن ذكر مثال لتأويلهم لبعض النصوص؟

الجواب

إما أن يصدقوا أو لا يصدقوا، فهذه قضية علمها عند الله سبحانه وتعالى، وإنما نحن نحاكم الفكرة نفسها، ونقول: إن هؤلاء يريدون من هذه القضية إلغاء الشريعة الإسلامية، وكما تعلمون جميعاً لو جئنا إلى نصوص الكتاب والسنة لنأخذها مجردة دون ما أجمع عليه السلف وفهموه؛ لأدى الأمر إلى فوضى متناهية، وكما تعلمون جميعاً أن النصوص أحياناً يسمعها الإنسان فربما يفهمها، وباب التأويل الذي دخل منه الصوفية والباطنية وغيرهم هو هذا الفهم الذي يقول: أنا إذا فهمت من الكتاب والسنة شيئاً ففهمي صحيح، وأنت إذا فهمت شيئاً ففهمك صحيح، إذا جاء الرافضي ليقول: قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة:٦٧] البقرة هي عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فهل هذا فهم صحيح؟! أو حينما يأتي الصوفي إلى قول الله تبارك وتعالى لموسى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات:١٧ - ١٨]، فيقول هذا الصوفي: فرعون هو قلبك.

معنى ذلك: أن الله ما أمر موسى أن يقول لفرعون الطاغية حاكم مصر هذا الكلام، فالقول بأن أي فهم يدخل فيه هو فهم صحيح هو المنطلق الذي يريده هؤلاء العلمانيون، بينما نصوص الشرع مضبوطة بفهم السلف، والسلف هم خير القرون زمناً، والذين ساروا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في منهجه.

إذاً: عندنا قضيتان عندما نتكلم عن السلف، القضية الأولى: المنهج، بمعنى: من سار على مثل ما سار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه صار من السلف.

القضية الثانية: وهي القضية الزمنية، وهي أن القرون المفضلة يسمون سلفاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لهم بالخيرية، لكن من سار بعدهم على منهجهم فهو أيضاً من السلف، وهذا هو الذي يرجع إليه العلماء، ما كان مرتبطاً بمنهج السلف، وما كان واقعاً في تلك الفترة الخيرية التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم بمثل قوله: (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).