للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية عقيدة القضاء والقدر]

بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فموضوع هذا الدرس القضاء والقدر، وسنركز على بعض القضايا المتعلقة بمنهج دراسة مثل هذا الموضوع، وتعريفه، ومجمل عقيدة السلف فيه.

وأول قضية نحب أن ننبه إليها في هذا الموضوع هي: أن موضوع القضاء والقدر موضوع مهم؛ لأنه يتعلق بحياة جميع الناس، فما من إنسان يعيش في هذه الحياة، ويسير في مناكبها على أي ديانة كان، وفي أي اتجاه اتجه في حياته العملية أو العقدية أو غيرها؛ إلا وقضية القضاء والقدر عنده من القضايا التي تشغل باله في كل وقت.

ومن ثم فإن الله تبارك وتعالى بين لنا هذه المسألة في كتابه أتم بيان، كما أوضحها لنا رسوله صلى الله عليه وسلم على منهج صحيح.

وأول ما يتبادر إلى الذهن حول أهمية القضاء والقدر أنه من أركان الإيمان، ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن الإيمان أجاب بالأركان الستة، وختمها بالإيمان بالقدر خيره وشره.

والله تبارك وتعالى أخبرنا في كتابه العزيز أنه خلق كل شيء وقدره، وأن كل ما يجري في هذا الكون فهو بتقديره تبارك وتعالى على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

ومن هنا فإن أركان الإيمان وما يتعلق بهذه الأركان من الأمور التي ينبغي لكل مسلم أن يتدبرها وأن يتعلمها وأن يتعمق فيها، وأن يكون إدراكه لها إدراك العالم البصير، وخاصة طلاب العلم؛ لأننا نجد جميع المسلمين -والحمد لله- يؤمنون بهذه الأركان، ولكن الإيمان المبني على الفهم الصحيح من الأدلة نجد الناس يتفاوتون فيه.

ومهمة طالب العلم والداعية إلى الله سبحانه وتعالى هو ألا يكون إيمانه بهذه الأركان إيمان معرفة مجردة، وإنما يكون إيمانه بها بفهم دقيق عميق بحيث يكون داعية إلى الله سبحانه وتعالى، ومن ضمن ما يدعو إليه أن يبين للناس هذه الأركان، وأن يوضح ما يتعلق بمقتضياتها، وما يتعلق بآثارها في حياة الإنسان إلى آخره.

وهذه مسألة مهمة جداً؛ لأن فهم العقيدة بأدلتها، وفهم منهج السلف رحمهم الله تعالى بأدلتهم ومنهجهم أمر آخر غير الإيمان المجرد الذي ربما يؤمن به الإنسان وهو سائر في حياته، فحينما يأتي إنسان ملحد أو ضال أو منحرف ليعرض انحرافه أو شبهته، ففي هذه الحالة لا يتمكن من الرد عليه ودحر باطله وبيان الحق من الباطل فيما يقول إلا من تعمق بدراسة العقيدة الإسلامية من جميع جوانبها، وفهمها بأدلتها على منهج السلف الصالح رحمهم الله تعالى.

فحينما نقول: إن الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان، فالمقصود أن على المسلمين وعلى الدعاة إلى الله منهم خاصة وطلاب العلم أن يفقهوا هذا الركن وغيره على وفق فقه السلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>