للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تميز القرآن والسنة بتفصيل أحوال يوم القيامة وأهواله]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فحديثنا في هذه الوريقات بعنوان: (أحوال وأهوال)، وهذا الموضوع نحتاج إليه في هذا الزمان؛ لأن الفتن تنوعت طرائقها، وامتحان القلوب تعددت مداخله، في ظل عولمة مادية طاغية تريد أن تهلك الحرث والنسل، وأن تدخل إلى البيوت والقلوب لتغيرها وتفسد ما بقي فيها من خير وإيمان وطاعة لله سبحانه وتعالى.

كان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يعلم أصحابه أن يتعرفوا على تلك الأحوال والأهوال، وجاء في كتاب الله تبارك وتعالى وفي سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام التفصيلات الكاملة التي لا توجد في غيرهما، فإذا جئت إلى التوراة وإلى الإنجيل وما يتبعهما من الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى لا تجد الحديث عن هذه الأحوال والأهوال إلا حديثاً هو نزر قليل، ومن ثم رأينا في عالم اليوم -وخاصة عند النصارى وهم الكثرة الغالبة اليوم -رأينا مادية طاغية تظهر آثارها مشرقاً ومغرباً.

أما نحن المسلمين فقد أكرمنا ربنا سبحانه وتعالى وأنعم علينا بالإسلام الذي جاءت فيه تفاصيل تلك الأحوال والأهوال وكأنما نراها رأي العين، لمن ألقى السمع وهو شهيد.

وما يكون لمثلي وأنا العبد الفقير المذنب المقصر أن أنقل إليك بعضاً من هذه الأحوال والأهوال، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلني وإياك في تلك الأحوال والأهوال من العاملين الفرحين المسرورين الفائزين.

أيها الأخ المسلم! سنتحدث إن شاء الله تعالى عن بعض من مظاهر هذه الأحوال والأهوال، ولكن ينبغي أن يستقر في نفس كل واحد منا وهو يقرأ عرضاً مختصراً عن بعضها وأحداثها استشعار حقائق تلك الأهوال والأحوال، ويصور نفسه وكأنه ذلك الذي تتحدث عنه الحادثة، أو تشرح حاله الآية، أو يبين أمره حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

أظنك عرفت المقصود بالأحوال والأهوال، فإنها -والله- ما زال يعيشها ويعيش أحداثاً منها أناس من آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأقرب الناس إلينا، فإن بعض الأحداث من تلك الأحوال والأهوال عاشها من سبقنا، ولكن بقينا نحن وبقيت في الأحوال والأهوال أحداث قادمة سيقدم عليها جميع العباد.

وسنقف وقفات قصيرة ولمحات؛ لأن الأحوال والأهوال يطول بعرضها المقام، ولذا سننتخب منها انتخابا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوقظ قلوبنا جميعاً، وأن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال والنيات.

سنتحدث عن أحوال وأهوال حول الموت والقبور ويوم القيامة والجنة والنار، فهل تحركت القلوب لتلك الحقائق التي لا شك فيها كما أنكم تنطقون.

<<  <  ج: ص:  >  >>