للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية تكرار النصيحة]

السؤال

لدي زوجة أخي أنصحها بعدم مشاهدة التلفزيون وسماع الأغاني وتبدي لي اقتناعها بالشيء، وبعد ذلك علمت بمشاهدتها للتمثيليات، فكيف يمكن أن أنصحها؟

الجواب

لا تيأسي، وكرري بأسلوب طيب معها، فهذه المرأة التي توافقك فيها خير، لأن بعض النساء عنيدات، لكن هذه فيها خير إن شاء الله تعالى، فلا تظني أنك إذا نصحتي انتهى الأمر، أو أنها استجابت وانتهى الأمر، ليس كذلك، فإن الشيطان حريص على كل الناس، وهي بغير شك متأثرة بك، لكن ضعفت أمام مغريات الشيطان، لهذا فالذي ننصحك به أن تكرري وتعددي الأساليب، وأن تكثري من زيارتها وتدعي لها بظهر الغيب.

المهم أن الإنسان لا ييأس من الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فكم من إنسان دعي فلم يستجب، ثم دعي فلم يستجب، ثم دعي فلم يستجب، ثم إن الله سبحانه وتعالى هداه، والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم منهم من دعا أمه إلى الهدى فما استطاع.

فهذا أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه الصحابي الجليل الذي هو أكثر الصحابة رضوان الله عليهم رواية لحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسلم رضي الله عنه وأرضاه أبت أمه أن تدخل في الإسلام، وعاش هو وإياها، وبقي مع الرسول يسمع الأحاديث ويحفظها، وكان إذا جاء إليها يقول لها: أسلمي، ادخلي في الإسلام.

فتأبى، وتصوروا حال أبي هريرة الصحابي الجليل الذي عرف الله وعرف الإيمان والتقى برسول الله يدخل فيرى أمه على غير الإسلام، لا شك أنه يخاف عليها من عذاب الله إن ماتت على ذلك؛ لأن الذي يموت على الشرك خالد مخلد في النار، ومع هذا كان يحاول ويحاول ويحاول فما استطاع.

فأتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يوم من الأيام وهو حزين، وقال: يا رسول الله! ادع لأم أبي هريرة بأن الله يهديها.

وهو يعلم أن الرسول لا يملك من الأمر شيئاً؛ إذ لو كان الرسول يملك الهداية لأعطاها عمه أبا طالب الذي مات على الكفر، فـ أبو هريرة يعلم أن الرسول لا يملك، والله تعالى يقول: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:٥٦]، لكن أبا هريرة أراد أن يتوسل بدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا من أنواع الدعاء المشروعة، يتوسل الإنسان بأسماء الله وصفاته، أو يتوسل إلى الله بإيمانه بالله وبعمله الصالح كما فعل أصحاب الثلاثة الذي انطبق عليهم الغار، أو يتوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح الحاضر الحي، فيقول له: ادع الله لي.

أو: ادع الله لأخي.

فـ أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: يا رسول الله! ادع الله أن يهدي أمي.

فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم! اهد أم أبي هريرة)، فـ أبو هريرة رجع إلى بيته يريد أن يحاول مع أمه لعل الله سبحانه وتعالى أن يهديها ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقرع عليها الباب فوجدها مغلقة الباب، وسمع خضخضة ماء داخل البيت، فلما أراد أن يطرق قالت: قف يا أبا هريرة.

فانتظر حتى انتهت من غسلها ولبست ثيابها، فقابلت ابنها وهي تقول له: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

فيا أيتها الأخت! احرصي على الدعوة إلى الله، وعلى الدعاء، فإن الدعاء سلاح المؤمنين في كل وقت، فاحرصي عليه، وأنت إن لم يستجب لك الدعاء فإنك تلقين بذلك أجراً عند الله تعالى، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: (ما من عبد يدعو بغير إثم ولا قطيعة رحم إلا كان على الله أن يعطيه إحدى ثلاث خصال: إما أن يستجيب دعاءه، أو أن يدفع عنه من الشر مثله، أو أن يدخر له ذلك أجراً عند الله يوم القيامة، فقال الصحابة: إذاً نكثر من الدعاء، -أي: ما دام أن الأمر فيه نتيجة وفائدة إما في الدنيا أو في الآخرة فلنكثر من الدعاء- فقال عليه الصلاة والسلام: الله أكثر).

فلا ينبغي لمؤمن أن يقول: دعوت فلم يستجب لي.

ثم ييأس فلا يدعو ليلاً ولا نهاراً؛ لأن الدعاء عبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>