للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم)]

السؤال

قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:٥٥]، أرجو شرح هذه الآية؟

الجواب

شرح هذه الآية يحتاج إلى ليال، لكن ممكن أن نشرحها بإشارة يسيرة، يقول تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} [النور:٥٥] قوله: (مِنْكُمْ) خطاب للمسلمين خاصة، وهذا الوعد من الله سبحانه وتعالى له ثلاثة شروط وفيه ثلاث نتائج، إذا وفى المسلمون بالشروط الثلاثة حصلت النتائج الثلاث: الشرط الأول: (آمَنُوا).

الشرط الثاني: (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ).

الشرط الثالث: (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، وكلمة: (شَيْئًا) في اللغة العربية نكرة جاءت في سياق النفي، والنكرة إذا جاءت في سياق النفي تعم، أي: باللات والعزة ومناة وهبل ونائلة وإساف، لكن يوجد الآن فلان وفلان من الناس يعبدون من دون الله في كثير من العالم الإسلامي، يوجد زعماء وضعوا أنفسهم مشرعين للبشر ويطيعهم الناس، حيث تركوا أوامر الله سبحانه وتعالى وتحاكموا إلى شرع هؤلاء الرجال.

إذاً: هؤلاء الناس الذين يعبدون من دون الله من الشيء الذي قال الله عز وجل فيه: {لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:٥٥].

كذلك توجد الآن القبور التي تعبد من دون الله في كثير من البلاد الإسلامية، كذلك الدنيا تعبد من دون الله تعالى الآن، كذلك المال يعبد من دون الله تعالى الآن، كذلك الوظيفة تعبد من دون الله، بحيث تجد الشخص يتنازل عن دينه، حتى لا يحرم من وظيفته، ولو حلت عليه لعنة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يبالي ما دامت هناك وظيفة وما دام له مرتب، وما دام يستفيد من ذلك مادياً، هذا كله يخشى أن يكون داخلاً في الشرك الذي يقول الله عز وجل فيه: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:٥٥].

أما النتائج التي وعدها الله تعالى لهؤلاء الذين اتصفوا بالشروط الثلاثة فهي: (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ)، أي: تكون لهم الخلافة والقيادة في الأرض، ولذلك لما حقق سلفنا الصالح هذه الصفات تحققت لهم هذه النتيجة، فاستخلفهم الله تعالى، فكانت لهم الخلافة ولهم القيادة.

وكذلك من النتائج: أن يمكن الله لهم دينهم الذي ارتضاه لهم، ومن النتائج: أن يبدلهم الله عز وجل بعد خوفهم أمناً.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.