للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الصلاة مع الجماعة]

ومن مظاهر الاستقامة: إقامة الصلاة، وهي أعظم وأهم مظهر من مظاهر الاستقامة على دين الله تعالى، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، بل إن من ترك الصلاة مع الجماعة فإنّه يخاطر بدينه، فتراه يسمع المنادي يقول له: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وكأنه لا يسمع، فإذا جاء يوم القيامة قيل له: اسجد لله ما دمت لم تسجد، فلا يستطيع السجود؛ لأن الظهر يعود طبقاً واحداً، فينكب على وجهه في نار جهنم، وهذا هو معنى قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا} [القلم:٤٢ - ٤٣] أي: في الدنيا {يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم:٤٣]، إنّهم معافون الأجساد، ومع ذلك لا يستجيبون، والمنادي ينادي من جانب داره كل يوم خمس مرات: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فلا يرفعون لذلك رأساً، ولا يقيمون له وزناً، فيكشف عن ساق يوم القيامة، ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون السجود.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في وصف المجتمع الإسلامي الذي عاشه: (إن الله عز وجل شرع لنبيكم سنن الهدى، وإن هذه الصلوات الخمس من سنن الهدى، ولو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم)، والصلاة في البيت تؤدي إلى ترك الصلاة نهائياً؛ لأنه عصى الله تعالى، والله يقول: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:٥]، {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:١٤]، قال: (ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم).

ثم يقول عن مجتمعه: (ولقد رأيتنا -ونحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- وما يتخلف عنها -أي: في المسجد- إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل منا يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) أي: أنه لا يستطيع المشي، فيحمله اثنان حتى يقيمانه في الصف، مع أن صلاة الجماعة غير واجبة عليه، لكنه لا يريد أن يتخلف عن الصلاة مع المسلمين.