للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب نزول آية: (لا تخونوا الله والرسول)]

والآية لها سبب: لما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا لبابة رضي الله عنه إلى بني قريظة يخبرهم بأنه سوف يقدم إلى ديارهم ويقاتلهم، كان عند الرسول صلى الله عليه وسلم سر لا يريد أن ينكشف هذا السر، وهو أنه يريد أن يقطع رءوس القوم لأنهم خانوا الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت يجب أن يعان فيه، فأشار أبو لبابة بيده إلى رقبته فقط وهو يكلم بني قريظة، كأنه يقول لبني قريظة: إنه سوف يقطع رقابكم، لكن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فأنزل هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:٢٧].

ولما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أبا لبابة قال: يا رسول الله! أنا رجل ضعيف في هؤلاء القوم، وأخاف على أولادي، فالله تعالى يذكر أن الأولاد لا وزن لهم في ميزان الإسلام، فالإنسان يضحي بنفسه وولده وبأي شيء في سبيل دينه، ولذلك الله تعالى قال: {لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال:٢٧ - ٢٨]، وقد كان أبو لبابة من خيار الصحابة، لكنه فعل ذلك خطأ من أجل أن يثبت له قيمة عند بني قريظة، فالله تعالى اعتبرها خيانة، وإذا كان الأولاد يدفعون الإنسان إلى خيانة في دينه وأمته؛ فإن هذه هي المصيبة وهذا هو البلاء، ولذلك قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ).